هنالك بعض قيادات التيارات الدينية دخلوا في مصالح والمال والسياسة فغرقوا في مغريات الدنيا مما خدش رسالتهم الدينيه والدعوية وهز صورتهم أمام الرأي العام .
من يطلق لحيته ويلبس السروال والعمامه يتحمل عبئا كبيرا في نقل الالتزام الديني من المظهر الى الجوهر، بمعنى ان يحرص على ضبط سلوكه وأقواله أمام عباد الله، فهو يقع افتراضا في موقع القدوة أو على الأقل الثقة، وان لم يستطع ان يوفق ما بين التزام المظهر والجوهر، فأمامه خياران لا ثالث لهما، فاما ان "يملط الشارب واللحية " احتراما لنفسه وتجنبا لخداع الناس، واما ان يجاهد نفسه الأمارة بالسوء بجرعات مضاعفة من الايمان والتقوى، أما استغلال البعض " التدين الشكلي " لمآرب دنيوية فعواقبه وخيمة، أتدرون أنه أعطى لبعض من عوام الناس - ولا نوافقهم طبعا ذلك على الاطلاق - الحجة ليشيعوا مقولة: " حاميها حراميها "
بعض التيارات الدينيه اقامت جمعيات خيريه فتحول مسار جمعيات النفع الدينية والخيرية الى العمل السياسي وانخراط بعض رموزها في شبكة المصالح التجارية وخريطة المناصب الحيوية، كل تلك الأمور، أثارت علامات استفهام مريبة تتمحور حول حقيقة النزعة الانتهازية لبعض رجال الدين المسيسين في خدمة تنظيماتهم على حساب الرسالة الدينيه والدعوية التي يرفعونها شعارا لهم وكذلك المصلحة الوطنية، وهذا السلوك تحديدا هو ما جعل "القدوة الدينية" و"ورجل الدين " في موضع مضطرب من مخيلة الناس وأذهانهم.
على ذلك الأساس يجب ان تمارس الحركات السياسية الدينية نقدا ذاتيا ينطلق من داخلها ويرتكز على جملة من الأسئلة الجوهرية: كيف هي صورتهم أمام الناس؟ وهل فعلا بعض رموزهم ومشاهيرهم ينتهجون " الانتهازية " ؟!، وما درجة المصداقية التي يتحلون بها في الشارع؟ وما مقدار ثقة الأوساط المختلفة بهم من نخب ومتعلمين وعوام؟! والى أي مدى أثرت سلوكيات قياداتهم في زعزعة صورة "رجل الدين " ؟ وهل الحرب التي نواجهها مصدرها أعداء الاسلام والعلمانيون والليبراليون أم تصرفاتهم ؟!... أكاد أجزم ان خطوة من هذا القبيل سوف تخرج بنتائج مرعبة قد تشكل صدمة لتلك الأطياف الدينية.
لا ينبغي ان نسمح بتمدد موجة استغلال الدين من أجل مصالح تجارية وسياسية وتكسبية، فليس لمظاهر الأشخاص أية قدسية تحصنهم من النقد أو الاتهامات متى ما دارت حولهم الشكوك وأصبحوا في موضع الشبهات , فهل نسمح لبعض المنتسبين لتيارات دينية " بلهط المقسوم " من المال العام بذريعة أنه ممثل للأمة ؟ أو نترك بعضهم الآخر يزرع المحسوبين عليه كونه قياديا نافذا ؟ أو نتفرج على العابث بمصلحة العامة وتنفيع الخاصة باعتباره رجلا ذا حظوة وتأثير؟! بالطبع لا يمكن ان نقبل بتلك المسوغات، لأن فيها استخفافا بالعقول واستهانة بالوعي العام وعدم مبالاة بما يسمى " بالردع المجتمعي ".
أخيرا: نريد فتوى عاجلة من كيانات شرعية موثوق فيها ازاء استغلال البعض للدين من أجل غايات دنيوية من خلال التضليل والخداع؟ (منقول)
د. صالح نجيدات
[email protected]