موقع الحمرا الأربعاء 03/09/2025 00:47
القائمة
  • أخبار محلية
    • الرامة
    • المغار
    • عيلبون
    • دير حنا
    • سخنين
    • عرابة
  • اخبار عالمية
  • رياضة
    • رياضة محلية
    • رياضة عالمية
  • تقارير خاصة
  • اقتصاد
  • مقالات
  • مطبخ
  • صحة وطب
  • مجلة الحمرا
  • جمال وازياء
  • تكنولوجيا
  • فن
  • ستوديو انتخابات 2022
أحدث الأخبار
  1. الرئيسية/
  2. مقالات وخواطر/
  3. جواد بولس/
  4. توفيق زيّاد البعيد القريب/

توفيق زيّاد البعيد القريب

جواد بولس
نشر بـ 08/05/2014 09:32

دخلت عليهما فتوقّفا عن الحديث. كنت وزوجتي في طريقنا لحضور حفل زفاف في إحدى قاعات الأفراح في الناصرة، وكما في معظم المرّات السابقة، عرّجنا على بيت "جميل" للقاء أحبة أقارب ولاستعادة الروح بعد ساعتين من سفر لم يعد بالنسبة لي كما كان في زمن الشباب؛ مجرد سهوة على ظهر قوس قزح.

"لم نلتقِ بعد مقالتك إيّاها.." فاتحني أبو النديم، وكانت كفّه ما زالت تحتضن كفي وبسمته تملأ الغرفة حنينًا وثقة. لم ينتظر ردّي، بل أردف مطمئنًا علينا بأكثر ممّا تفرضه قواعد الذوق العام، فطارت علامات التعب عنّي. شعرت بدغدغة بين أضلعي وبكبشة مسك "تسحقه الأكف فيعبق".

هي صدفة خير من ألف ميعاد، فأبو النديم عاشق للوتر وحبيبه عود، أنهى يوم عمل في عيادته، وقرر أن يزور صديقه جميل، الذي يعرفه أصحاب المغنى والطرب، في بلاد الله الرحبة، بالفارابي.

كاد وجودي أن يفسد حلاوة لمَّتهما وجو جلستهما. سألني أبو النديم عن بعض شؤون السياسة العامة، فأجبت مقتضبًا ومؤكدًا أن لا فقيه فيها ولا عليم؛ وهي التي كانت دومًا في أحد تعاريفها "مضمار المدّنس". بالمقابل، حاولت أن أسمع قصصهم عن الأعواد والعوّادين، عن اللونغات والتقاسيم وعن المقام والشجن. طلب جميل من أبي النديم أن يروي لنا كيف أهداه  محمد الموجي عوده يوم كان هذا ضيفه في الغربة. رفض أبو النديم وعاد لأحاديث الواقع والسياسة، أمّا أنا، بلباقة، حاولت أن أخرج عن النص وألّا أعيد ذكرى تلك الأجواء التي طغت فيها رائحة الغبار وبقبقة الدم، فهربت إلى بلاد الكفر والجمال، وبدأت أحدّثهما عن رحلتي التي عدت منها حيث تجوّلنا فيها على غير هدى. كانت أمستردام أقل حمرةً مما تخيّلناها وكثيرةَ الحرّية. منها بدأنا نرحل جنوبًا ولا نستقر إلّا عندما يدلهم ليل ويتملكني شعور بأنني طائر وحشي في جوف غيمة. فقط عندها، عندما يصير الصوت في رأسي يردد بجنون: "ومسّ على مهل يدها عندما تضع الكأس فوق الرخام.." أبدأ أفتش عن سرير يأوينا ويرعى زغب أحلامنا.

هكذا ولأكثر من أسبوعين تنقّلنا. بعيدًا عن طقوس النميمة والمزايدة والخداع، وعلى ما نختاره من أغنيات يفرضها المزاج، نسينا الدنيا.. وعشنا في حضن أوروبا الأخضر. في إحدى الليالي حطت "خيلنا"  في ساحات "نامير"، بلدة شقية جميلة في بلجيكا الولونية. كان الفندق الذي وجدني في مركز المدينة أشبه ببيت عريق ما زال يعاند الزمن ويحافظ على وقاره وأبّهة من سكنوه في الماضي. دخلنا إلى ردهة مصممة كصالون بيت وتمدك بشعور من الألفة والانتماء. في زاوية بعيدة جلس شاب، وعلى وجهه وجبينه بدت حمرة قانية، عيناه غائرتان وزرقة منهما تلمع بتعب، يده تمسك راحة فتاة، في يدها الثانية كأس فيها بقايا شراب كان لونه قرمزيًا. لم أسمع لهما صوتًا ولكن كان يقول لها كلامًا في الحب، هكذا علّمني ابن حزم في طوق حمامته.

في زاوية الاستقبال وقف رجل في الستينيات من عمره، يلبس بنطالًا لونه رمادي كلون سنجاب، وفوقه سترة سوداء وعليها كتابة بالفرنسية تنتهي بذراع ممدودة وقبضة مكموشة في الهواء.

ناولته جوازات السفر، فتحها، نظر إلينا ولم تتغيَّر قسمات وجهه. طلب أن ننتظر لدقائق، بعد أن تأكد من وجود غرف لنا. وراءنا جلست مجموعة من الرجال والنساء، أعمارهم بدت متقاربة؛ ليسوا شبابًا ولكنهم كانوا "في الريق سكر وفي الأصداغ تجعيد"، تحدثوا بشهيّة عامة واضحة واندفاع كأنهم يصفون لعبة كرة قدم، ضحكات عالية كانت تقطع سيل جملهم، وأحيانًا سمعنا تصفيق بعد كلمة أنهاها أحدهم. كانوا في منتهى المرح وراحة قلب وكانت الفرنسية من أفواههم تذكّرني ببنات الكروم.

مدّ نحوي مفاتيح الغرف، وأخذ يشرح عن الفندق والمدينة. نظرت في وجهه ولمحت، فجأةً، وراءه صورة وفيها شكل رجل يشبه شكل توفيق زيّاد. توقفت عن الإصغاء إليه، مددت يدي صوب الحائط، وسبابتي مرّت بجانب عينه اليسرى، وسألت بدون خجل، من هذا الذي بجانبك؟ حاول أن يهمل السؤال، ولكنني أبديت حدةً وإلحاحًا. فقال: "هو  إنسان عظيم وصديق كبير لنا، اسمه توفيق زيّاد، ربما تعرفونه، فهو من بلادكم، من مدينة اسمها الناصرة". اقتربت من الصورة فسمعت بحّته. كانت عيناه تضحكان بحزن كعيني طفل، وشاربه، مصفف كتاج  يذكر بسمرة بلادي. شعره، موجة تجري وراء موجة والغرّة تشهد على قلب عاشق.  

صار الصمت مزعجًا، فوجَّهت نظري صوب جميل الذي كان يحدّق بي وقد اندفع بجسمه إلى الأمام، فصار نصفه معلقًا في الهواء ونصفه الآخر مسنود على حافة الكنبة، أمّا أبو النديم فألقى برأسه على ظهر الكرسي، وفتح عيناه على مصراعيها، على وجهه برعمت بسمة بعرض ريشة عود، خالية من الدهشة،  فلقد أمضى ردحًا من عمره في أوروبا وخبر كيف تكون الصدف فيها أحيانًا، واقعًا أغرب من خيال.

"هو معلّمنا، وحبيبنا، وقائد على سن ورمح"، بحت بأذنيّ صاحب المكان. وبعد أن تأكّد أننا من زيّاد استدار من خلف مكتبه وصار لنا رفيقًا. سرد حكايته، وحكاية البلد مع توفيق وكيف صار فيها رمزًا وأيقونة علّقها كثيرون في قلوبهم وعلى الجدران. إنّه أممي، نصير الفقراء، بسيط كالفجر، شاعر مثقف وعاشق مكافح، إنه.. إنسان بامتياز،  لذا أحببناه وما زلنا.

ساد صمت وسكون. "للصبر حدود"، قلت مداعبًا أبا النديم، فما هي قصة عود صاحبها؟ لم أسمع القصة كاملةً منه. بقينا في ذلك الفندق وصاحبه الذي ما زال يحتفظ بالصورة والذكرى ويرفع على صدره قبضة زيّاد وهو يصرخ: "أنا قادم، من حيث كل فم عليه حارس، والمخبرون على الستائر، حيث استوى في الحكم شرطي وقدّيس وتاجر، حيث الجريمة فرّخت في كل مأمور وآمر".

تلوت، بعدما سألني عن عدد فنادق الناصرة، صدر بيت الحماسي قائلًا: "يعيش المرء ما استحيا بخير..." فأكمله وكأننا عزفنا على ذات المقام وقال "ويبقى العود ما بقي اللحاء". وهي الناصرة تبقى حبيبته وهو عاشقها الدنف.

 

بقلم: جواد بولس

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]

تعليقات

إقرأ أيضاً


لماذا لم ينجح العالم وقف الحرب على غزة؟ جواد بولس

لماذا لم ينجح العالم وقف الحرب على غزة؟ جواد بولس

الأثنين 01/09/2025 20:29

تشهد المنابر العالمية في الآونة الأخيرة تنامياً حادّا في أعداد الأصوات المنددة بسياسات حكومة اسرائيل تجاه الفلسطينيين، وحِدّة في لغة شجب ممارسات جيشها...

بنيامين نتنياهو ورؤيا اسرائيل الكبرى  جواد بولس

بنيامين نتنياهو ورؤيا اسرائيل الكبرى جواد بولس

الأحد 17/08/2025 20:20

أكّد بنيامين نتنياهو خلال مقابلة صحفيه أجراها مع فضائية i 24  الاخبارية يوم الثلاثاء المنصرم على "انه مرتبط جدا برؤية "إسرائيل الكبرى، التي تشمل فلسطي...

السابع من اكتوبر، البداية والنهاية !  جواد بولس

السابع من اكتوبر، البداية والنهاية ! جواد بولس

الأحد 10/08/2025 21:46

يتعاطى الاعلام الاسرائيلي، هذه الايام، أبعاد قرار بنيامين نتنياهو احتلال قطاع غزة ويتساءل حول مدى جدّيته، وكأنّ ما جرى ويجري على أرض غزة، منذ أن اجتاح...

أيمن عودة ، قائد مشتبك ليس بحاجة الى تلميع !  جواد بولس

أيمن عودة ، قائد مشتبك ليس بحاجة الى تلميع ! جواد بولس

السبت 19/07/2025 18:22

أسقطت الهيئة العامة للكنيست مساء الاثنين الفائت اقتراح اقصاء النائب أيمن عودة، رئيس قائمة الجبهة والعربية للتغيير، بعد أن فشل المبادرون للاقتراح في ال...

إقصاء أيمن عوده من الكنيست بداية لرحلة صيد طويلة - جواد بولس

إقصاء أيمن عوده من الكنيست بداية لرحلة صيد طويلة - جواد بولس

الأحد 13/07/2025 22:24

تعتبر محاولة اقصاء النائب أيمن عودة، رئيس قائمة الجبهة والعربية للتغيير ، من الكنيست قمة في سياسة ملاحقة المواطنين العرب في اسرائيل، وانتصارا ساحقا، ف...

توفيق زياد، نناديكَ  - جواد بولس

توفيق زياد، نناديكَ - جواد بولس

السبت 05/07/2025 14:18

تحل اليوم ، الخامس من يوليو، الذكرى الحادية والثلاثون لرحيل توفيق زيّاد. ورغم ضجيج الغبار وحطام الوقت، أرى صورته أمامي وأسمعه، هناك عند حفاف المدى، يص...

بين مذبحة كنيسة "سيدة النجاة" ومذبحة كنيسة "مار الياس" المسيحية الشرقية قد هزمت - جواد بولس

بين مذبحة كنيسة "سيدة النجاة" ومذبحة كنيسة "مار الياس" المسيحية الشرقية قد هزمت - جواد بولس

السبت 28/06/2025 17:15

أثار الاعتداء الإرهابي الدموي الذي نفذ يوم الاحد الفائت على كنيسة "مار الياس" في حي دويلعة في العاصمة السورية دمشق  موجة من ردود الفعل المستنكِرة والر...

ماذا لو بقي فيصل الحسيني حيا ؟ جواد بولس

ماذا لو بقي فيصل الحسيني حيا ؟ جواد بولس

الأربعاء 11/06/2025 15:39

في الكويت ، قبل أربعة وعشرين عامًا، رحل فيصل الحسيني بهدوء. هدوء سكن طبعه وهو حي ورافقه في كل معاركه ضد الاحتلال الاسرائيلي، تلك التي خاضها في شوارع ا...

لا اعداء دائمين في السياسة  - جواد بولس

لا اعداء دائمين في السياسة - جواد بولس

الأثنين 19/05/2025 21:26

منذ لحظة اعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، يعيش العالم حالة من القلق وعدم اليقين. وقد ساعدت تصريحاته المتتالية، في شؤون السي...

فلسطين في "العناية المكثفة" وشعبها في "حالة ذهنية" مستعصية -  جواد بولس

فلسطين في "العناية المكثفة" وشعبها في "حالة ذهنية" مستعصية - جواد بولس

السبت 10/05/2025 19:20

يبدو أن مخطط حكومة نتنياهو ازاء مصير قطاع غزة والضفة الغربية اكتسب دفعة جديدة بعد اجتماع  "المجلس السياسي والامني" المصغر، الذي انعقد يوم الاثنين الفا...

الأكثر قراءة

د.اشرف ابو شقارة: المسنون والأطفال والحوامل ومرضى الأمراض المزمنة هم  الفئات الأكثر عرضه لخطر موجات الحر

الأحد 10/08/2025 14:54

د.اشرف ابو شقارة: المسنون والأطفال والحو...
ثانوية حنا مويس الرامة تحتفل بتخريج الفوج ال 70

الأثنين 25/08/2025 22:13

ثانوية حنا مويس الرامة تحتفل بتخريج الفو...
انتخاب الأستاذ مجيد فراج مديراً للمدرسة الابتدائية على اسم الشاعر سميح القاسم في الرامة

الخميس 21/08/2025 19:54

انتخاب الأستاذ مجيد فراج مديراً للمدرسة...
ساجور: مقتل الشاب ساهر ابراهيم (29 عامًا) اثر تعرضه لاطلاق نار في الرامة

الأثنين 04/08/2025 18:00

ساجور: مقتل الشاب ساهر ابراهيم (29 عامًا...
رئيس اتحاد ارباب الصناعة يعقب على تصريح ترامب بخصوص الرسوم الجمركية: ​ نأسف لهذا القرار

الأحد 03/08/2025 22:19

رئيس اتحاد ارباب الصناعة يعقب على تصريح...

كلمات مفتاحية

المرأة الرجل الكشف اغتيال المبحوح اسرائيل ليبرمان اتهام حكومه زوكربيرغ مكاتب فيسبوك إخراج حشرة حية أذن مريض اخبار محلية فلسطينية اخبار محلية اخبار فلسطينية مواجهات اصابات الخليل مقالات خواطر شعر امين مولود غزة ماء المطر مفيد للشعر لكن بهذا الشرط اخبار محلية محليه اخبار محلية اخبار محليه فلسطين اخبار فلسطين
  • أخبار محلية
  • الرامة
  • المغار
  • عيلبون
  • دير حنا
  • سخنين
  • عرابة
  • اخبار عالمية
  • رياضة
  • رياضة محلية
  • رياضة عالمية
  • تقارير خاصة
  • اقتصاد
  • مقالات
  • مطبخ
  • صحة وطب
  • مجلة الحمرا
  • جمال وازياء
  • تكنولوجيا
  • فن
  • ستوديو انتخابات 2022
  • مـسـلسـلات
  • مسلسلات كرتون
  • مسلسلات رمضان 2019
  • مسلسلات رمضان 2017
  • افلام
  • افلام كرتون
  • افلام تركية
  • افلام هندية
  • فنانين محليين
  • برامج تلفزيون
  • منوعات
  • رقص النجوم 3
  • حديث البلد - موسم 7
  • تراتيل جمعة الالام
  • من نحن
  • اتصل بنا
  • للاعلان لدينا
  • شروط الأستخدام
© جميع الحقوق محفوظة 2025
Megatam Web Development