بقلم معين أبو عبيد
في إطار أمسية ثقافيّة مميزة وراقية، جمعت عُشّاق الأدب، الفكر، والإبداع، حيث حلّقت أرواحنا في سماء المعرفة والتقت الأفكار في واحة الحوار، التـأمل والغوص في أعماق "هجرة خارج الجسد "، لابن الجّرمق الشّامخ، الشاعر نصر خطيب، وهو مولوده الخامس الذي يطرح تساؤلات فلسفيّة حول الوعي والوجود، والحدود الفاصلة بين الواقع والخيال لتبقى الحركة الثقافية السّراج الذي يضيء دروب الشعوب، والجّسر المتين يربط الماضي بالحاضر، يمهد السبيل لبزوغ فجر أكثر إشراقا ووعيًا.
تطرّق النّاقدون والمتحدثون خلال الأمسية للأسلوب السردي العميق، الذي يمزج بين الفلسفة والخيال، الأمر الذي، في نهاية المطاف، يجعل القارئ يعيد النظر في مفاهيمه عن الذّات ومحيطه.
وممّا جاء في مداخلة الكاتب رياض مخول:
"نجد المعادل الموضوعي بارزًا وواضحًا في مجموعة نصر خطيب ، متمثلا بالعنوان الجّامع في ايحاءاته لكثير من التشكيلات الزمانية والمكانية، وشهر تشرين كحيز زماني هو المعادل الأول والأساس المرتبط بصور وتشكيلات كثيرة، مستوحاة من الطبيعة كاستخدامه المتكرر للفظة الغبار، وتكرار لفظة الرماد، ثم تكرار الصّدى بتنويعاته واستخدامات ألفاظ الاغتسال ثم التنفس، وجميعها تتعلق بشهر تشرين.
العنوان جملة اسمية، يبتدئ بلفظة هجرة، وهي نكرة مضافة إلى معرفة، وفي هذه الإضافة جمع بين التشكيل الزماني والمكاني، فالهجرة كانت في تشرين الثاني، وهو زمان تاريخي محدد، والهجرة كانت إلى الخارج، إلى خارج الجسد، والجسد هنا هو حيز مكاني، هو في الأساس جسد الشاعر المادي الذي تسكنه روحه، أو هو جسد المهاجر، حيث ماثل بين الجسدين، وربما يكون الجسد هو العائلة أو القرية بيت جن، أو الوطن الكبير. ويبقى السؤال لماذا كان الزمن في تشرين تحديدًا؟"
أمّا البروفيسور علي حسين فقال مستعرضًا ديوان الشاعر:
"وإذا عدنا إلى ديوان الأستاذ نصر، نجد أنّ أكثر القصائد فيه ما هي إلّا تعبير، على الأقل حسب فهمي الخاص لما قرأته، عن هذا الشعور غير أن ما يميز هذه الأشعار أنّ التعبير في أكثرها، وبعكس النص القديم الذي قرأته عليكم، غير مباشر، معمى أو مغطى، شأنه في ذلك شأن الشعر الحديث الذي يميل إلى إسدال الستائر كي تحول بين القارئ وبين المعنى الحقيقي الذي يستهدفه الشاعر ".
أمّا الكاتب والناقد محمد علي فقال:
"نصر شاعر تراكمي وليس شهاب
تشرين موتيف متكرر في شعره، ودلالته زمنية في الأساس، ولكن دلالته تغيرت في أكثر من قصيدة وتفرعت إلى حالات متعددة نفسية، اجتماعية، موجهة، ومفرحة وكأنها شابهت الثنائية الضدية، وبهذا انزاحت عن دلالتها الزمنية وبقيت مرتبطة.
جملة النثر تمشي الهوينا فتلفت النظر، وجملة الشعر ترقص فتدهش
حبذا لو جاء في التظهير صورة وترجمة لحياة الشاعر وإصداراته
حبذا لو كان الخروج من الجسد رسومات ظل واختفى نصف الرسمة الأخيرة ".
أمّا الكاتب معين أبو عبيد فقال:
"الغوص بعمق في هجرة خارج الجسد المولود الجديد الخامس للشاعر نصر خطيب، قد يشفي الأروح والنفوس، ويحطم الهدوء الحذر ويدخلك في انسجام داخلي، وفي دوامة ومعادلة الحياة المركبة والمعقدة ببراعة عزفه على أوتار القلوب بإيقاعات من الأحاسيس التي تدخل القلب وتجعله يعيشها بنقلنا إلى رحلة روحية عميقة المعاني والتأمل والمذاق.
كجذور الأرض الممتدة في عمقها توحي أفكارك بالتجدد والعطاء، كالندى، يوقظ الفجر ويروي ظمأ المساء، كالسحب تهطل شعرا وزهرا، تنبت في القلوب عشقا ونقاء.
وحروفك نار تذيب الجمود وتبعث روح الحرف في الأجواء
إنها تجربة أشبه بمعادلة مركبة يتطلب حل رموزها الغوص مطولا وعميقا، تأخذك دون استئذان إلى عالم آخر للبحث عن الذات "
رئيس مجلس بيت جن، المحامي نزيه دبور ألقى كلمة مختصرة، أكّد من خلالها، على دعم كل نشاط يصب في مصلحة المجتمع.
مديرة المكتبة العامة، الآنسة دالية عطيلة، تطرقت إلى أهمية ودور الثقافة.
المحتفى به ألقى قصيدة من ديوانه بعنوان "إليك يا أمي"
أهداها لوالدته التي تواجدت في الأمسية، فاغرورقت عيناها بالدموع السخية
ثم شكر الحضور بهذه الكلمات:
"تعجز الكلمات عن التعبير عن شكري وتقديري لكم جميعا، من بادر وخطط، ومن نسّق وحضر، ومن أعطى مداخلة. كلماتكم زينت حروفي وزادتها بهاء وجمالا، من جمال خلقكم الكريم، آمل أن أستحق هذا.
لكم مني باقات ورد واحترام تليق بكم "
وكانت فقرات موسيقية على العود للفنان الكرملي عماد فرو
تم توزيع شهادات شكر وتقدير للمشاركين
مرفق صورة نموذج
تولّى عرافة الأمسية الإعلامي والكاتب مدير دار الحديث للنشر، الزميل فهيم أبو ركن والذي وصفته بالبركان الصّامت يخفي في جوفه المفاجئات والكنوز الدفينة في كل فترة زمنية ينفجر هذا البركان ليكشف لنا الأسرار والكنوز، صاحب المقولة الرّاقية والمعبرة "عندما تشرق المحبة في آفاق نفوسنا تظهر الإنسانية في أعمالنا"
كلّ التقدير والثناء على حضورك المميز والحضاري الذي أضفى على الأمسية طابعا من التألق والتميز.
بدورنا نقول للشاعر الزميل نصر
بأمثالك الذين يسمون بطموحاتهم الى عنان السماء نرفع رؤوسنا
الى مزيدا من التألق والعطاء
[email protected]


