في زمنٍ تراجعت فيه القراءة إلى حدود الغياب، وكادت أن تُدرج في عداد الراحلين، يظل الكاتب الحقيقي متمسكًا بحبره، كمن يتمسّك بالأوكسجين ليتنفّس الحياة. فليس القلم عنده ترفًا، ولا الكلمات تضييعًا للوقت، بل هي الوجود ذاته، والممرّ الوحيد نحو الخلاص من خنق الواقع وضجيج التفاهة.
نعم، سأظل أكتب وأكتب، رغم يقيني أن الكثيرين هجَروا القراءة، واكتفوا بصور عابرة ومشاهد خاوية من المعنى. سأكتب لأقول إن الكتابة ليست لمن يبحث عن التصفيق، بل لمن يرفض أن يموت بصمت. هي فعل مقاومة ضد الفراغ، ضد الركود، وضد انحدار الذائقة نحو السطحية.
كم هو مؤسف أن نعيش في زمنٍ يتسارع فيه التطور التقني، لكن العقول تتراجع، والقرّاء يتناقصون، فيما يُحتقر أصحاب الأقلام الذين يكتبون بصدقٍ ومهنيةٍ وشفافية.
غير أن الكاتب لا ينتظر إنصافًا من أحد، لأنه يعرف أن الكتابة بذاتها جائزة، وأن النور الذي يخرج من بين السطور لا يحتاج جمهورًا ليضيء.
فالكتابة ليست مهنةً فقط، بل رسالة، وصوتٌ للوعي في زمنٍ صاخبٍ باللاوعي. ومن يستهتر بها، لا يدرك أنه يحرم نفسه من أعمق متعة عرفها الإنسان: أن يقرأ ليعيش أكثر من حياة، وأن يكتب ليبقى بعد أن يرحل
للخلاصة
مهما غاب الجمهور وتوارى القارئ خلف ضجيج الصور سيبقى القلم صادقا لا يعرف الرياء يكتب لا لينتظر
مقابل والتصفيق بل ليبقى جذوره الوعي مشتعلة في العتمة
فالكتابة نبض لا يموت وحين تضيق الحياة يتسع الحرف ليمنحنا الأمل والمساحة للتنفس
[email protected]