لم تكن تلك الشّهادة الباذخة بالكلمات، والعميقة بالدّلالات مجرّد درع تكريميّ يُمنح في نهاية أمسية، ولا كانت عبارة عابرة تُضاف إلى رصيد أيّ كاتب أو شاعر. هنا كانت المعادلة مختلفة تمامًا؛ فالتّكريم لم يُمنح لمجرد صاحب قلم، بل لواحد من الأصوات الفكريّة التي تمسّكت بعروبتها الأصيلة، وبدرزيتها الحضاريّة، وبانتمائها الإنساني قبل أي انتماء آخر.
الكاتب سعيد نفاع كاتب حُر جريء، يكتب بكل عقلانيّة، مهنيّة وشفافية وذوق مُميز، لا يتأثر بأي ظروف مهما كانت.
الأمسية الثقافية التي نظّمها الاتّحاد العام للكتّاب الفلسطينيين بالتّعاون مع مجلس أبو سنان – المركز الثقافي لذوي الاحتياجات الخاصّة جاءت محمّلة بالمعنى، محتفية بكتاب أحدث نقاشًا واسعًا:
"عرب 48 والهوية المُمزّقة… العرب الدّروز وحجارة الرحى".
لم تكن أمسية للقراءة فقط، بل كانت مساحة للبوح، للهوية، ولإعادة طرح الأسئلة التي ظلّت مدفونة طويلاً في الوعي الجمعي.
ورغم أنني لم أخض في دراسة نقدية موسعة حول الكتاب.
كان الحضور لافتًا ومشرّفًا:
نُخبة من الأدباء والشّعراء والمثقفين، إلى جانب شخصيّات اجتماعية واعتبارية، التقوا على كلمة واحدة: تقدير الرّجل الذي جعل من الكلمة موقفًا، ومن الموقف هويّة، ومن الهوية راية لا تُنكس.
الكلمات التي أُلقيت كانت رقيقة في أسلوبها، قويّة في مضمونها، مُفعمة بالاحترام للكاتب الذي لم يساوم يومًا على صدقه أو انتمائه.
كان واضحًا أنّ الجميع يرى فيه صوتًا يرفض الالتواء، ورجلاً يكتب في زمن يقلّ فيه الشّرفاء، ويكثر فيه المترددون.
الشّهادة التي مُنحت له لم تكن مجاملة ولا لفتة بروتوكولية؛
كانت اعترافًا بدور رجل حمل قلمه بضمير، ووقف في المنطقة الأصعب بين الفكر والموقف، وبين التّاريخ والرّاهن، بين جذور الهوية وتحدياتها.
[email protected]