بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي لا يحمد على مكروه سواه
الأديب الذي يصعب علينا نسيانه بعد الرحيل...
ترجل الدكتور بطرس دله من كفر ياسيف، وسالت دموع الجمع بعد رحلة مع عالم العلم والأدب والفن، ترجل وأبقى لنا ذكريات كثيرة طيبة ثقافية من الحديث والنقاشات والكتب في الأدب والتاريخ ومقالات نصية في غاية الجمال والروعة.
تعلمت في الصف الخامس في كتاب: التاريخ للصف الخامس والسادس من تأليف الأديب الكاتب الدكتور بطرس دله، تعلمنا فيه عن الهكسوس والكلدانيين والحثيين وحضارات الشعوب في ما بين النهرين وعلى ضفاف النيل فنال الفراعنة القدماء جزء كبير لا يستهان به من الكتاب، تعلمنا عن الحضارة الآشورية، والمغول والتتار وجزء من تاريخ العرب، تعلمنا فيه عن الشعوب التي استوطنت القارة الأوروبية وما زالت عالقة بذهني كلمات أستاذ التاريخ في حينه الشيخ المرحوم أبو عطا يوسف فرحات (ر) وهو يقول: "كيف استطاع بطرس دلة جمع هذه المواد والمعلومات، فهي قيمة ومفيدة جدا للطلاب".
عاش كاتب وباحث ومن أروع ما كتب نقده الأدبي الذي يضاهي كل النقاد العرب في الشرق الأوسط، كان عصاميًا وساهم في عملية تطوير النقد الأدبي والثقافي في البلاد، واكب المسيرة الأدبية منذ ما يزيد عن أربعة قرون تابع الإصدارات الأدبية النثرية والشعرية وراح يكتب عنها في الجرائد والصحف والمواقع عبر النت، وأهم الأمور أنه رأى النص بعينين ثاقبتين، وشجع الكاتب كإنسان قريب منه دون أن يقلص من النقد الحقيقي للأدب، لمسنا منه دائمًا أنه يتوجه إلى التحاليل الغامضة في النصوص، تكاد تكون هذه التحاليل في عالم الغيب أو الفلسفة.
الراحل أبو حسام بطرس دلة، شارك في المؤتمرات الأدبية في البلاد وأسس منتديات كثيرة ودعم أخرى بحضوره ومشاركته وإبداء رأيه الخاص الراقي، كان من المبادرين للقاءات تجمع بين الشعراء والكتاب والأدباء في البلاد، شاركنا بشكل فعلي مع كوكبة رائعة من الأدباء والكتاب والشعراء والفنانين والنحاتين في منتدى دار الكلمة، لصاحبها الشاعر الكبير الفيلسوف الفنان الراحل معين حاطوم (ر) ابن دالية الكرمل، ولم يتأخر عن أي موعد مهما كانت الظروف سهلة أو قاسية، أبو حسام بطرس دلة، كان أمينا صادق اللسان أحب الناس وأحبوه لدماثة خلقه الحسن ومعشره الطيب مع الناس كان حسن السيرة وشيف المواقف، وكان مرشدًا وناصحًا لكلّ من طلب منه النصح في قضايا اجتماعية وأدبية، اجتهد في كتابة التحليلات عن الإصدارات التي أصدرها شبابنا وفي كل مرة كان المشجع الأول الذي يدعم ويشد على أيادي الشعراء والكتاب بمتابعة مسيرة الكتابة التي اعتبرها مسيرته الخاصة.
يصعب عليَّ بشكل خاص وكم يُسيئني أن أتحدث عن قامة أدبية في هذا الشموخ والعلو بصيغة الماضي، فقد عرفته عن قرب، فهو الراحل جسدا والباقي روحا وكلماته وكتاباته وحديثه، سنتذكره حتى لو غزت حبال النسيان فكرنا وعقولنا، فلا نقوى على نسيانه...
نطلب له الرحمة من بارينا ولذويه من بعده طول البقاء بالصحة والعافية.
إنا لله وإنا إليه راجعون،
الفقير لله تعالى،
د. رافع حلبي - دالية الكرمل
[email protected]