منابر إعلام تضليلية.. تكشف زيف "الديمقراطية"
أقل ما يقال في الاعلام الإسرائيلي أنه إعلام منحاز ومجنّد إلى حد التقزز والاشمئزاز. وأكثر أنواع الاعلام الإسرائيلي المقزز هو ما يطلق على نفسه إعلام "يساري" أو "ليبرالي"، لأنه أكثر وسائل الاعلام تلونا ونفاقا وانحيازا، حتى أن الحرباءة تخسر في منافسته. هذا الاعلام الذي يقضي جلّ وقته في انتقاد الحكومة وسياستها، ويقدم لنا مواعظ ودروسا في الديمقراطية، نراه أول المتجندين إلى جانب الحكومة حتى لو كانت أكثرها يمينية وتطرفا، ودفاعا عنها وتبريرا لجرائمها كما عايشناه في الاعتداءات العسكرية التي نفذتها في قطاع غزة مرارا وتكرارا، والتي شملت تدمير المباني وحرق المزروعات وقتل الناس دون تمييز وقصف المؤسسات الطبية والتربوية والاجتماعيىة وغيرها وكل ذلك بحجة محاربة "الإرهاب"، وكذلك في حروب إسرائيل التي شنتها على لبنان تارة باسم محاربة "الإرهاب" الفلسطيني وطورا في التصدي "لإرهاب" حزب الله وكل مرة بذريعة مختلفة. واليوم تعود على دورها البشع في تزوير الحقائق وتشويه المعطيات في "العملية العسكرية" التي تقوم بها روسيا في أوكرانيا، كما سبق أن لعبت نفس الدور في الحرب الكونية على سوريا بشكل مقزز وقذر.
وأبرز مثال على ذاك صحيفة "هآرتس"، التي لم أتمكن من قراءة تقاريرها وأخبارها في العدد الأخير، وبعدما تصفحتها وجدتني أقذف بها بعيدا عني تقززا واشمئزازا. فلو صدرت كل تلك الأكاذيب عن صحف اليمين والاذاعات الرسمية لما غضبت كل ذلك الغضب، أما أن تصدر عن صحيفة تدعي "الليبرالية" وتؤمن بالديمقراطية"، لكنها لا تتبنى إلا وجهة نظر واحدة ولا تترك مساحة للموقف المغاير وتتخذ موقفا منحازا فاضحا، فانه أمر لا يحتمل ولا يطاق، فبئس وسيلة إعلامية كهذه، تسير بشكل أعمى خلف الاعلام الغربي المضلل وخلف أنظمة استعمارية نفذت أبشع الجرائم في حق الإنسانية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، إنها لا تستحق الاحترام ولا يحق لها مواصلة التبجح بتميزها عن غيرها، لأنها في الأوقات الصعبة التي يتوجب فيها عليها أن تؤكد دورها المتميز، تتخلى عن ذلك وتنساق مع أبواق الاعلام الرجعي والمجند والمنحاز مع قوى الشر في العالم. مرة أخرى بئس صحافة مجندة كهذه.
بعد عجزه أمام العمليات العسكرية.. الغرب ينتقم من الحضارة الروسية
كشفت وتكشف لنا "العملية العسكرية" الروسية في أوكرانيا يوميا الوجه البشع والقذر للغرب، الذي عرفناه وتعرفنا إليه في كثير من المحن والشدائد. لكن هذا الوجه يظهر بشاعته وحقده وكرهه لكل ما هو انساني في هذا العالم في الفترة الأخيرة، حيث يخرج هذا الغرب المدعي والمتبجح بالانسانية والديمقراطية وغيرها من القيم المجرد عنها ليمارس بشاعته، فهو لا يكتفي بالمساهمة في الحرب عسكريا واقتصاديا وسياسيا، بل تجاوز كل ذلك عابرا كل القيم نحو محاربة الأدب والفن بأشكاله وأنواعه هذا ناهيك عن الرياضة، بحجة التصدي للعدوان الروسي على أوكرانيا.
إن ما يتخذه الغرب البشع من إجراءات، يعكس مدى حقده وحسده وشعوره بالنقص أمام حضارة الشرق وتراثه وآدابه وفنونه. لا ننسى مدى استهتار الغرب ونظرته الدونية للصين، في افتتاح الدورة الأوليمبية قبل سنوات في بكين، فجاء التنظيم والعرض والتقنية الرفيعة لتوجه صفعة للغرب المتعالي والمتكبر. كما لا يمكن أن ننسى مدى استهتار الغرب بأبناء جلدتنا العرب –مع مزيد الأسف- من دويلات وإمارات خاصة في الخليج، والاهانات اليومية التي كان يوجهها يوميا الرئيس الأمريكي السابق ترامب، لتلك المشيخات ومن يقف على رأسها، احتقارا واستهتارا. وحاول الغرب المتوحش أن يلعب نفس اللعبة مع الروس، وقد استهان بسكينة ووداعة "الدب" الروسي الذي أظهر ويظهر لهم اليوم مدى قوته وجبروته وقدرته على الصمود.
ما معنى أن تلجأ دول ومؤسسات العالم الغربي المتباكية على "حقوق الانسان" والحاملة لواء "الديمقراطية" والمدافعة عن "الثقافة والفنون"، إلى محاربة الرياضة والفنون والآداب والحضارة القادمة من روسيا؟ كيف لا تخجل جامعة إيطالية من منع محاضرات عن الأدب الروسي عامة والأديب الكبير دوستويفسكي خاصة، لأن أصوله روسية؟ كيف تبرر دار أوبرا أمريكية منع عروض غناء لأن المغنية الرئيسية روسية وترفض إهانة رئيس بلدها، وتلجأ دار الأوبرا الى فصل المغنية الروسية واستبدالها بمغنية أوكرانية؟ وكيف تتفاخر مؤسسة ألمانية بفصل موسيقار ومايسترو روسي كبير وايقافه عن عمله، لنفس السبب السابق؟ وأي تبرير تقدمه إدارة متحف هولندي باغلاق عرض لمتحف "الارميتاج "الروسي العظيم؟
وحسنا فعل "الاتحاد العام للكتاب الفلسطينيين – الكرمل 48"، حين رفع صوته وحيدا في بيان بهذا الصدد قال فيه: "إن هذه الهجمة "الوحشية" على الأدب والفن – يضاف إليها الهجوم على الرياضة والرياضيين – من قبل الغرب "الديمقراطي" و"المتنور" كما يدعي، تكشف عن وجهه البغيض، العنصري، المتعالي والمتغطرس، وعن ضيق أفق ومصالح لا علاقة لها بالقيم الإنسانية. من هنا فإننا، نستنكر هذه الحملة ونرى بها إجراءات ظلاميّة تعود بنا إلى الذهنيّات التحريميّة القروسطيّة، والتي تقوم بها شرطة الأفكار في الجامعات والمؤسسات، تلك التي، نحن ككتّاب فلسطينيين، ذقنا الأمرّين منها، وتلظّينا بنارها، في منهاج المدارس والجامعات الإسرائيليّة، وندينها ونرفضها بشدّة".
[email protected]