تستعد نساء العالم للاحتفال بعيدهن العالمي، الموافق 8 آذار (مارس) من كل عام، المشهود له بالعطاء والتحدي المحرك للبوصلة الاجتماعية الممهدة لنهضة نسوية قبيل النهضة الصناعية التي شهدها العالم، اثبتت خلالها المرأة نجاحها بأحقية واستحقاق في قيادة اجتماعية شملت شتى المجالات بما فيها السياسية والاقتصادية والثقافــــية والاجتماعية وغيرها من الامور التي جعلت منها المركز العصبي الحساس لتكوين بنية اجتماعية متماسكة.
ما ان واكبت المرأة التطورات المعاصرة، بعد صمتها الطويل، الذي دام لسنوات طوال، حتى بدأت دواليبها التحررية تدور في سنة 1857 بدءا من شوارع نيويورك اثراضراب عاملات النسيج، الذي انطلقت من خلاله شرارة اختيار يوم عالمي لنساء العالم، خاصة منهن العاملات، لتذكيرالعالم بحقوقهن، وبالفعل تم ذلك لأول مرة في 19 آذار (مارس) 1911 في النمسا والدنمارك والمانيا وسويسرا، مفجرات عبره نهضة نسوية اعادت الاعتبار لهن، بعد تهميش عانين منه بصمت واستحقارالجانب الذكوري لهن في زمن جاهلي كرس المرأة وعاء لاشباع توحشه الجنسي وحيث يخجل الرجال بمجرد سماع أحدهم انه رزق بمؤنث ‘بنت’ بعد طول انتظاره لمولد من جنس ذكر، فسارع لنكرانها والتخلي عنها بطرق وحشية كدفنها وهي حية ترزق او حرقها ورمي غبارها في الانهار والبحار.
المؤسف ان قمع النساء لم يزل مستمرا في بعض الدول ولكن هذه هي الحقيقة المرة التي كان يخشاها الجانب الذكوري من الهبة الانثوية التي قالت كلمتها في اخرالمطاف، عبرحملة مارس 2004 (منظــــمة العـــفو الدولية) التي هدفت إلى وقف العنف ضد المراة، الامر الذي أدى إلى انخفاض جرائم قتل النساء في العالم بعد ان كان قد ارتفــــع مزادها في السابق خاصة منه في ايام الجاهلية، فالمرأة الآن ليست كائنا زائدا مجردا من الحقوق والامتيازات، فهي الان تمثل نصف المجتمع ورمز تقدم حضارات الامم بعد أن واصلت المرأة نضالها في سبيل استرجاع حريتها المفقودة حتي اضحت جزءا لا يتجزأ من مجمعاتنا بل اكثر فئة مرغوب فيها، اذ تمثل حوالي 40′من اليد العاملة في العالم، والذي ميزها في ذلك درجتها العالية في الميدان التعليمي التي اكسبتها زيادة في التمثيل النسوي في البرلمانات الوطنية وتقلدهن مراتب ومناصب كبرى في الدولة، وضعتها في محل ثقة وتقبل مجتمعاتي محلي اودولي بعد ان تم نبذها في السابق، اضاقة الى صنعها الحدث في بعض الدول كالبرازييل وكوريا الجنوبية بعد وصولها هرم السلطة واصبحت هي السلطة العليا في البلاد التي لا يعلو فوقها صوت اخر.
ومن دون نسيان فضــــلها وتألقـــها في التحليق بعيــــدا في الانشطة الاقتصادية كالصــــناعة والزراعة والخدمات وانشطة ثقافية كالتعليم، اضافة الى ميادين متنـــــوعة برزت فيــــها، وبالـــــحاصل فإن المرأة مدرســــة رفيــــعة المستوى لا يجب الاستهان بها، بقدر ما يجب علينا المحافظة على ارثها الموعـــــود بسلالة نعـــــومتها ودفئـــها البناء لهياكل دولة عصرية انطلاقا من مكســــبها التحرري الذي نغتنم الفرصة فيه لتهنئتها بيومها المشهود بمحافل الصمود والشموخ، فكل عام وانتن بخير يا نساء العــالم، واحلى شمعة مضيئة لـ 8 مارس العربي ونسائنا العربيات.
[email protected]