صدر حديثًا للأديب سليم نفّاع، مدير مكتبة بلدية شفاعمرو العامة، قصّة شائقة للأطفال بعنوان: "حَدِّثْني يا أَبي"، عن أ. دار الهدى، بإدارة عبد زحالقة، بحلّة قشيبة، وطباعة أنيقة، وغلاف سميك ومقوى، في 31 صفحة من الحجم الكبير، وازدانت القصّة برسومات معبّرة وآسرة في جمالها بريشة الفنانة شيرين الخاني. القصّة ثريّة بعناصر التشويق، ولغتها سلسة وأدبيّة، وتزخر بالقيم التربوية الجميلة والمعاني الهادفة، وتحمل في طياتها رسائل اجتماعية وإنسانية وأدبية قيّمة. تتناول القصّة موضوع التباعد الاجتماعي والعاطفي داخل الأسرة، في عصر التكنولوجية الحديثة التي أثّرت ايجابًا وسلبًا على أطفالنا، وتُسهم في تعزيز الدور التربوي والتوعوي للأهل لأخذ الحيطة والحذر تفاديًا لمخاطر انكشاف أطفالهم لساعات طويلة على مواقع التواصل الاجتماعي والألعاب الالكترونية، وتمنح الطفل فرصة لتحمل المسؤولية في حياته. القصّة لا تعالج قضيّة إدمان الأطفال على شبكات التواصل والألعاب الالكترونية فحسب، بل تعدت ذلك في طرح قضية في غاية الخطورة والأهمية، وهي إدمان الأم والأب أيضًا على مواقع التواصل والهاتف النقّال، سيما ومن المفترض أن يشكلا القدوة الحسنة لأطفالهم. تتلخص القصّة بالأب الذي يحصل على هدية ثمينة في عيد ميلاده عبارة عن هاتف ذكي بأحدث الإصدارات، فيتوقف الأب عن التواصل المباشر مع أفرد أسرته، وسرد قصّة ما قبل النوم، ووقف متابعته لواجبات ابنه المدرسية، وينشغل بهاتفه النقّال، فيلجأ الابن لوالدته عساه يجد من يتحدث اليه ويسد مكان والده، ليكتشف أن الأم أيضًا منشغلة بالمواقع الاجتماعية المختلفة، فيصبح مثل بقيّة أفراد الأسرة، منشغلًا بالهاتف النقّال والألعاب الالكترونية، ويتعرف إلى مواقع غريبة، وأصدقاء افتراضيّين. هل ينعكس الأمر على سُلوك الابن والعلاقة مع عالمه الخارجي، أم يجد بديلًا أو حلًّا؟ أسئلة كثيرة بحاجة إلى إجابات. تعكس القصّة حالة الاغتراب التي يعيشها أطفالنا داخل الأسرة، وخطورة الانترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي التي ربما يتم استغلالهم من قبلها، ويسميها البعض بالقوى الناعمة، التي تفشت في مجتمعنا، ووصلت إلى حد الإدمان عند الأب والأم والأبناء، وأضعفت روابط التّواصل بين أفراد العائلة الواحدة، وجعلت الطّفل يميل إلى العزلة، والعدوانية بسبب انكشافه بلا رقيب ولا حسيب على الأفلام والمواقع والألعاب الالكترونية التي تحرّض في معظمها على العُنف، وأدى به إلى الابتعاد عن الأصدقاء، والسّهر لساعات طويلة، وفقدان التركيز، واهمال واجباته المدّرسيّة. القصّة تدعو الأهل إلى الصحوة الكبرى وتحذيرهم من هذه الغفلة، حيث أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي، والألعاب الالكترونية وغيرها، مشاركةً فعالةً في تربية وتنشئة أطفالنا وأجيالنا الصّاعدة، قادة المستقبل.
[email protected]