بعد ما يزيد على ثلاث سنوات من أزمة سورية يومية تطاول الحجر والبشر، لا تزال الدراما التلفزيونية، منتجة، قائمة وحية على رغم الشهداء وتأثيرات الحرب السلبية مع ما فرضته من تغييرات.
ويشابه الإنتاج الدرامي السوري المنتَج لرمضان في شكل كبير ما قدمه العام الماضي كماً ونوعاً، إذ قارب عدد الأعمال الثلاثين، ما يزيد قليلاً على عدد أعمال السنة الماضية. وفي الشق الإنتاجي ينفي القائمون على الدراما أن تكون الكلفة تناقصت نتيجة الأزمة وانخفاض قيمة الليرة السورية أمام الدولار.
وتؤكد المنتجة ديالا الأحمر لـ «الحياة» أن أجور الممثلين «زادت في شكل كبير وأجور الفنيين أيضاً تضاعفت». وتعطي مثالاً عن كلفة أعمالها «الغربال» (عمل شامي 2014) الذي بلغت موازنته ضعف موازنة «قمر شام».
وعــــلى رغـــم تنوع الإنتاج، تقدمت الأعمال الشامية أكثر إلى الواجهة. وتشرح الأحمر عــــن السبب قائلة: «إن أكثر ما تطلبه المحطات من الدراما السورية هي الأعمال الشامية لأنه لا يمكن تصويرها إلا في الشام ولا يمكن لأحد إنجازها إلا أهل الشام».
وتنفي الهروب من الأخطار الأمنية عبر تصوير هذه الأعمال لأنها تنفذ في مواقع تصوير داخلية موضحةً أن «مشاكل تصوير البيئة لا تقل عن الأعمال المعاصرة، فالإستديوات مدمرة أو بعيدة. ولم نصوّر في أي يوم من دون صوت القصف، حتى أننا صورنا في باب توما حيث سقط في أسبوع واحد أكثر من 50 قذيفة».
ولعل أبرز ما ميز الأعمال الشامية هذا الموسم «الملاحظات» التي وضعتها لجنة صناعة السينما والتلفزيون حول «البيئة الشامية»، فطلبت من أجل الموافقة على النصوص عدم وضع أي صورة لعلم الانتداب الفرنسي (علم المعارضة الحالي). وأيضاً عدم ذكر كلمة «ثوار» وأن «الشيخ ليس المرجعية بمفرده»، إلى جانب التركيز على دور المرأة الحضاري، مع إفساح المجال للمنتجين لإبداء أي «اقتراحات مناسبة» حول هذه الملاحظات.
أما الأعمال التي تقارب الأزمة، فظلت أقل من عدد أصابع اليد الواحدة. ومن أبرزها في الفئة المعاصرة «قلم حمرة» و«القربان» على رغم أن زمنهما الافتراضي يسبق الشرارة الأولى، لكنه يعالج بعض الأسباب التي أوصلت إليها.
وفي هذا الإطار، تبدو أعمال «الكوميديا» وربما لأنها «سوداء» أقدر على محاكاة الألم الراهن في شكل أكثر عمقاً على رغم قلتها. ومن أهمها هذا الموسم «بقعة ضوء 10» و«الحقائب/ضبوا الشناتي».
ولا بد من الإشارة إلى العمل التاريخي الشامي «أبواب الريح» الذي يلامس الأزمة ولو من خلال التاريخ. «الزمان يعيد نفسه بتفاصيل فظيعة حتى بالأسماء»، يقول كاتب العمل خلدون قتلان لـ»الحياة».
على صعيد آخر، فضّلت غالبية القائمين على الدراما الابتعاد عن الأزمة، إما بسبب «دقة المرحلة وهولها»، وإما لاعتبار «الرؤية ضبابية ولا تسمح بنظرة دقيقة للأمور»، فيما قرر بعضهم ألا يعلن موقفاً واضحاً مع طرف خوفاً من الطرف الآخر.
ومن اللافت هذا العام تناقص الأعمال المشتركة السورية – اللبنانية. فبعدما بلغت نحو ستة أعمال خلال الموسم الفائت صوّرت على الأراضي اللبنانية، لم تتخط النصف هذا العام وكانت أقرب إلى التطعيم أكثر منها إلى الاشتراك، إذا استثنينا «الإخوة» الذي لم يعد أصلاً لرمضان وصور في الإمارات بصبغة سورية -عربية.
وعلى صعيد التسويق، وعكس ما أُشيع، يبدو أن الدراما السورية لا تعاني بشكل خارج عن المألوف حتى بسبب المونديال. فهي ستعرض خلال رمضان على مختلف الشاشات العربية من المحيط إلى الخليج من دون استثناء.
ومن هذه القنوات مثلاً: «أم بي سي»، «أبو ظبي»، «الشارقة»، «الكويت»، «قطر»، «فلسطين»، «الجزائرية3»، «السومرية»، «حواس»، «رؤيا»، ومعظم المحطات اللبنانية.
ومن جانب الممثلين، شكلت عودة النجمين أيمن زيدان وباسم ياخور إلى التصوير داخل سورية الحدث الأبرز. وحول الدراما في زمن الحرب التي تمر بها سورية، يقول زيدان لـ «الحياة» إن «المسؤولية اليوم أن تقدم منتجاً فنياً عالي القيمة، فمهمة الفنانين في الزمن الصعب أكبر، ولا يكفي أن تعمل في الحرب، بل ماذا تقدم في الحرب؟».
[email protected]