أُحاول أن أكتُب، أُسَطر كلِماتي في لحْظة مصيرية، لحْظِة ثوْرة وإنْفِجار بلُغة أُخْرى لمْ تُكشَف بَعد رُبَما تكون لُغة الصمْت، لُغة المَطَر، أوْ حَفيف أوْراقِ الشَجَر، خَرير مِياه اليَنابيع، تَغْريدُ الطُّيور الْتي قرَرت الهِجْرة بِلا رَجْعَة ...
هذا الزّمَن العَصِيبُ الغدار، زَمَنِ المَظاهِر والمُجَامَلاتِ الكَذَّابَة والخدَّاعَة. يحلُّ ويَمْضي بِسُرعَة جُنونية، سَاعَته قديمةً عُلِّقَت علَى الحائِطِ فَوقَ طاوِلةً خشبيةً سوداءَ شِبهْ بالِيةً تَدُقُ في لَيْلةٍ غيْر مُقْمِرةً وعقارِبهِ الْمَكْسورَة تزْحَفُ كَسُلْحفاةٍ شِبه مشلولَة كانَتْ شَاهِدةً على أحْداثِ المَاضي.
عِنْدَما نَكونُ سُعَداءْ نَتنَفْس الصُعَداء، ويبْتَسِمُ لنَا الكَون ومكْنونِه، نَرْسِمُ كُلَّ مَا يَجْري وَيَدورُ حَولَنا مِنْ أحْداث وأَرْوَع لَوْحَة، ونَلْجأ الى أبْراج ساحِرَة قُلوبِ المَلايينْ ماجي فرَح، لتُبشر لنَا خيْراً وننْتَظِر توقُعاتِها، ناسينَ ومُتَناسين المَقولة:" كذَبَ المُنَجِّمونَ وإنّ صَدقوا "!
وأنْصَحهُم بِالعَوْدة الى برْنامِج: "هيّدا كلام هيّدا حَكي".
تتسَلّل الاحْزان بين الجوارِح والاشْباح، تَنامُ على الرَصيف، الجِراح تنْزِف واللّيْل طَويل والشّمْعة الثكلى تسلِّط ضُوْئها البَاهِتْ الهَزيل، تبْكي على صَدْر الفجْر المُرْتَقَب، تَتصَارعْ وتتسَابَق اللّيالي والنُجوم، نَشْعُر بالكَآبَة وتَنْقلِب أيْامنا جَحيماً. وليَالينا تَوَتِر أعْصَابَنا، لا نَرى سِوَى السَّراب وأشْبَاح اللّيل، ونَسْمَع خَفير المقابِر، تَخُونَنا ذاكِرَتُنا فتتَشوش أفْكَارنا وتنْسد أوْرِدَتُنا، نُعاني مِن عَدم اسْتِقرار ونَفْقِد الأمْل لِلوصول الى برِّ الأمَان.
واعْلَم عِنْدَما تتْرُك أخاكَ تأكُلَه الذِئّاب فَسَتَجوع الذِئّاب يوماً ولنْ تجِد سِواكَ لِتأكُله.
فالدُنّيا لا تَسْتحِق المُنافَسة، وإذا نافَسَتكَ الناسُ على الدُنّيا فأترُكْها لهُم ونافِس الناسَ على الاخِرة. فَكُنْ انْتَ في المُقدِمة، ولتَدْعَم المَقولة:
" يَسْتَطيعُ أيَّ شَخْص صَنع التارِيخ، ولكّن الرّجُل العَظيم هوَ مَنْ يَكْتُبَه!"
من كتابي صدى الصمت
[email protected]