لا يستقيم إيمان عبد، حتّى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتّى يستقيم لسانه. فكن في هذه الحياة الفانية كالنّحلة، وإذا أكلت أكلت طيّبًا، وإذا أطعمت، أطعمتَ لذيذًا، وإن سقطت على شيء لم تكسره وتجرحه .
للدنيا بابان، باب دخول وباب خروج، بينهما سبيل الباري تعالى يُنيره لنا، وهي دار فناء، خيرها زهيد، شرّها عنيد، وجمعها ينفذ، وعامرها يخرب. هي دار غشّ وخداع تزين كل قبيح، وترسمه بأبهى وأروع صورة أسوة بسراب الصحراء القاحلة. إنّها أشبه برحلة طويلة شاقّة قد تواجه فيها كلّ أنواع العقبات والصعاب الأشواك الدامية، الهضاب، التلال، الجبال، السهول، الأنهار والبحار. ولا بدّ من الارتفاع والانخفاض، وإذا وضعت نصب عينيك تحقيق هدفك والنجاح، عليك بالاستمرار بدون توقّف، ربما تكون النهاية ممتعه وتنسيك هموم الدنيا ومتاعبها!
هذا الزمن أشبه بغابة مظلمة، مليئة بالأفاعي والذئاب وفئات ترقص على دم الجرحى، وتعزف موسيقى نشازًا عجبًا إذا أوفيت فيه، إن جرحت وإذا أخلصت أٌهدر دمك، فانعدم الصدق والوفاء، وأصبح في عداد المفقودين، وغدت قلوبنا اصطناعية لا تتألم ولا تحبّ، وآذاننا صماء، وعيوننا لا ترى.
إن نظرتك للدنيا ستحدّد أهدافك وأولوياتك وطرق عملك التي ستنعكس على مسلكك وتحدّد في نهاية المطاف مصيرك، فلا تترفع كالغيوم فتتكاثف حولك كلّ أنواع المحن والهموم، وتذكّر انك مخلوق لعبادة الله وليس لمحاسبة العباد، فاجعل حياتك لوحه فنيّة، وأبدع في رسمها وانتقاء ألوانها بوضع لمساتك الأخيرة وبريشتك الخاصّة، فالرجل العظيم هو الذي يترك الآخرين في حيرة مطلقه بعد مفارقته هذه الدنيا ...
[email protected]