تسير السعودية بخطى متسارعة لتنفيذ مشاريع البنية التحتية العملاقة وفق خطط طموحة، تضع في اعتبارها الإنفاق الحكومي الواسع والمتزايد على تلك المشاريع التي يشارك فيها القطاع الخاص؛ ما جعل هذا القطاع الأكثر أهمية بين كل القطاعات، والحاصل على كامل الأولوية في رؤية السعودية 2030، كما تفتح هذه المشاريع المجال بقوة أمام الاستثمار الأجنبي في قطاعات عديدة.
قفزات هائلة
وجاء التوجُّه الذي اتخذته السعودية للاهتمام بمشاريع البنية التحتية ليضع السعودية في موقع متميز عالميًّا؛ إذ احتلت المرتبة الـ36 في مجال البنية التحتية في تقرير التنافسية العالمية لعام 2020م بعد أن كانت في المرتبة الـ38، كما تقدمت 40 مرتبة في سُلَّم الترتيب العالمي لمؤشر البنية التحتية الرقمية للاتصالات وتقنية المعلومات الذي تصدره الأمم المتحدة لقياس تطور الحكومة الإلكترونية؛ لتحتل المرتبة الـ27 عالميًّا، والمرتبة الثامنة على مستوى دول مجموعة العشرين.
صندوق وطني
ويأتي قرار إنشاء صندوق وطني للبنية التحتية ليؤكد الأبعاد العميقة التي تسعى إليها السعودية لدعم مشاريع البنية بمبلغ 200 مليار ريال من خلال هذا الصندوق الذي يهدف لتنمية الاقتصاد بعيدًا عن النفط؛ إذ يعد الصندوق الثاني عشر ضمن صناديق التنمية الوطنية؛ وبالتالي سيدعم مشاركة القطاع الخاص في المشاريع المستقبلية، ويرفع مستوى الحوكمة في مسألة الإنفاق على البنى التحتية من أجل تحقيق أهداف رؤية 2030، وتحقيق تنمية مستدامة، وتمويل مستدام لها.
نمو متزايد
وحفزت تلك الخطوات التي قامت بها السعودية لدعم مشاريع البنية التحتية مستثمرين أجانب وصناديق عالمية للاستحواذ على حصص في شركات البنية التحتية السعودية؛ للاستفادة من النمو المتزايد في هذا القطاع وفق مستهدفات رؤية السعودية في مشاريعها الاستراتيجية.
ونتج من مشروعات رؤية السعودية 2030 نحو 3.75 تريليون ريال (1 تريليون دولار) من المشروعات العقارية والبنية التحتية. ويأتي تطوير البنية التحتية قبل إطلاق المشروعات العقارية المتنوعة، سواء سكنية، تجارية، إدارية وترفيهية، إضافة إلى تحسين نوعية وجودة الخدمات والمرافق المقدمة، مثل الماء والطرق والكهرباء، الذي سيعمل على تهيئة المجال للاستثمار بصفة عامة لتحقيق هدف رئيسي من أهداف الرؤية المستقبلية، هو جذب نحو 100 مليون زائر سنويًّا للمملكة بحلول عام 2030 كما تتوقع بعض الدراسات.
وتستهدف الرؤية من خلال برنامج جودة الحياة تطوير المدن عبر رفع كفاءة شبكات الطرق القائمة، وتعزيز خطوط النقل وآلياته، وإنشاء وتطوير شبكة الطرق الحضرية، وتطوير منظومة إدارة النقل.. كما تستهدف توفير الخدمات عبر تصميم برامج السلامة على الطرق، وتعزيز الأمن الرقمي، ودعم القدرات الأمنية، إضافة إلى تعزيز التفاعل الاجتماعي مع تلك المستهدفات.
المخططات السكنية
ومن أهم مشاريع البنية التحتية مشاريع المخططات السكنية؛ إذ وصل عدد المخططات المعتمدة من منصة إتمام 392 مخططًا معتمدًا بمساحة 732 مليون متر مربع. وإن هذا العدد الكبير يعد فرصة ذهبية للشركات المتخصصة في البنية التحتية.
وجاء إنفاق السعودية نحو 500 مليار ريال في دعم وتهيئة البنية التحتية للخطوط الحديدية ليؤكد ذلك السعي نحو تطوير القطاع؛ إذ استثمرت في تهيئة البنية التحتية للطرق والسكك الحديدية التي نجحت من خلالها في نقل أكثر من 47 مليون طن وقود، وأسهم ذلك في إزاحة أكثر من 4 ملايين شاحنة عن الطرق.
البنية الرقمية
كما استطاعت السعودية في مجال البنية التحتية للاتصالات إيصال خدمات البنية الرقمية لأكثر من 3.5 مليون منزل؛ ما أسهم في زيادة الطلب العالي على سرعات الإنترنت واستهلاك البيانات، من خلال تنفيذ مبادرات تحفيز الاستثمار في نشر البنية التحتية الرقمية التابعة لبرنامج التحول الوطني ورؤية السعودية 2030.
وفي قطاع المياه، فيما يخص البنية التحتية، تمتلك السعودية 35 محطة تحلية للمياه. وتشير الإحصائيات والدراسات إلى رغبة الحكومة في أن تصل قدرتها إلى 7.4 مليون متر مكعب من المياه يوميًّا.
ومن بين مشروعات البنية التحتية لتطوير السياحة السعودية أطلقت السعودية مشروعات (نيوم، آمالا، جزر البحر الأحمر والقدية)، وهي مشروعات عملاقة، تستثمر فيها السعودية والقطاع الخاص مليارات الدولارات لتهيئة السياحة، وجذب المواطنين والمقيمين والسائحين.
وتولي السعودية من خلال رؤية 2030 اهتمامًا واسعًا للبنية التحتية؛ كونها ممكنًا أساسيًّا لبناء أنشطة صناعية متطورة، ولجذب المستثمرين، ولتحسين تنافسية الاقتصاد الوطني. كما تشكل البنية التحتية جزءًا كبيرًا من المناخ الاستثماري، وتُعتبر ذات تأثير مهم على الاقتصاد برمته؛ فهي تمارس دورًا كبيرًا في الاستقرار الاقتصادي.
ووضعت السعودية هذا الاهتمام الكبير بمشاريع البنية التحتية نصب عينَيْها لآثارها الإيجابية، وبالتحديد مسألة النمو الاقتصادي وتوليد الفرص؛ لانعكاسها بشكل واضح على الاستقرار الاقتصادي، بل هي مفتاح النمو الاقتصادي وفرص العمل؛ إذ لا يمكن تحقيق نمو اقتصادي وتوليد الفرص إلا بها، ودون تقدم ملموس في جودة البنية التحتية.
المصدر : سبق
[email protected]