لَن تكون الشمس هي المَصدر الوحيد للطاقة، عندما تنطلق "سولار إمبُلس 2" في محاولتها التاريخية لتُصبح أول طائرة تُحلِّق حول العالم دون صَرف قطرة واحدة من الوقود. ففي هذه الرحلة المُفعمة بالتحديات، سوف يوظف قائدا الطائرة السويسريان، تقنيات التنويم المغناطيسي الذاتي واليوغا والتأمل، للحفاظ على لياقتهما البدنية والذهنية.
نُـشِر الكثير حول التكنولوجيا المُستقبلية النظيفة والطاقة المُتجدِّدة والساعات الطويلة من الدراسات والهندسة والتصميم، التي ساهمت في جعل "سولار إمبُلس 2"، الطائرة التي تعمل بالطاقة الشمسية بشكل كامل، واقعاً ملموساً. ومع عَرضها الذي يزيد بقليل عن طائرة من طراز بوينغ 747، لا تَزن هذه الطائرة سوى 2,300 كلغ، مُقاربة بذلك وزن سيارة عائلية.
مع ذلك، ورغم استخدام أكثر أنواع التكنولوجيا المستقبلية تطوّراً، تُمثل المغامرة الشمسية إلى حدٍّ كبير، عودة إلى الأعوام الأولى لعالم الطيران، حيث يجلس قائد واحد بمفرده في قمرة القيادة، وهو يُصارع مجموعة من الظروف الصعبة – ما يعكس اختباراً حقيقياً للنفس البشرية وقُدرة الإنسان على التحمل.
وخلال هذا التحدّي الذي ستقطع فيه الطائرة ما يزيد عن 35,000 كيلومتر، سيتناوب قائدا الطائرة السويسريان ومؤسسا مشروع الطائرة الشمسية، المغامر برتران بّيكار، الذي يبلغ السادسة والخمسين، وآندري بورشبيرغ، القائد السابق للطائرات الحربية، الذي يبلغ الثانية والستين، في قيادة الطائرة في رحلة يُتوقّع أن تَستَغرق، وفق الحسابات على الورق، ما مجموعه 25 يوماً، مع عدم إغفال 12 محطة للتوقف.
وفي رحلة كهذه حول العالم، تكون مواجهة الظروف القاسية أمراً مُتوقّعاً. ومع التعرُّض إلى تبايُن كبير في درجات الحرارة، يتراوح بين -40 درجة مئوية على ارتفاع 8000 متر، و+40 درجة على ارتفاع 3000 متر في بعض المناطق، والطيران لخمسة أيام وليال متتالية مع القليل من النوم فقط، والمكوث في قمرة قيادة مُخصصة لقائد واحد فقط، لا يزيد حجمها عن 3.8 مِتر مكعّب، ولا أثر فيها لتجهيزات مواجهة تغييرات الحرارة والضغط، سوف يواجه قائدَي الطائرة تحديات بدنية وعقلية جسيمة. "لقد عملنا كثيراً جداً لتحسين التكنولوجيا المُستَخدمة، وهكذا فإن القيود المُتبقية هي إنسانية بحتة"، كما يوضح بّيكار.
ومع مثل هذه المغامرة غير الإعتيادية، كان لابُد من لجوء قائديْ الطائرة إلى أساليب غير تقليدية بعض الشيء، لمساعدتهم على الاسترخاء والبقاء بصحة جيدة والحفاظ على مستويات طاقتهما وإدارة أوقات النوم.
ويعْتَزِم كل من بّيكار وبورشبيرغ على حدٍّ سواء، مُمارسة النوم مُتعدّد الأطوار - حيث تُقسّم ساعات النوم أو الراحة إلى عدة ‘قيلولات طاقة’ قصيرة، تستغرق 20 دقيقة، للحصول على ما مجموعه من 2 - 6 ساعات من النوم يومياً. وخلال فترات الراحة هذه، يمكن أن يلجأ قائدا الطائرة إلى تشغيل الطيار الآلي.
ولكن النهج المُتَّبَع لاستخدام هذه التقنية البديلة لإدارة النوم، يَختلف عند الطيّاريَن. فمن جهته، يفضل بّيكار، الحامل لشهادة الماجستير من جامعة لوزان في الطب النفسي والمُحاِضر في الجمعية الطبية السويسرية للتنويم المغناطيسي، استخدام التنويم المغناطيسي الذاتي.
"أنت بحاجة إلى تقنيات التنويم المغناطيسي للبقاء في حالة تأهّب عندما تكون مُتعباً، ولكنك لا تستطيع الخلود إلى النوم، كما ستكون بحاجة لها أيضاً عندما تحين اللحظة المناسبة للنوم، ولكنك لا تشعر بالنعاس"، كما يقول بّيكار.
تفاصيل مسار رحلة "سولار إمبلس 2" حول العالمحسبما أعلن بيرتران بّـيكار وآندري بورشبيرغ، قائدا طائرة "سولار إمبلس 2" في أبو ظبي في العشرين من يناير المنصرم على هامش القمة العالمية لطاقة المستقبل، سوف تنطلق الطائرة التي تعمل بالطاقة الشمسية بالكامل في رحلتها التاريخية حول العالم من أبوظبي في نهاية شهر فبراير الجاري أو مطلع شهر مارس المُقبل، وتتوقف في سَلطنة عُمان، ثم في أحمد أباد وفاراناسي في الهند، ثم تتوجّه إلى ماندالاي في ميانمار (بورما)، ثم إلى شنونغ كينغ ونان جينغ في الصين.بعد ذلك، ستعبُر "سولار إمبلس 2" المحيط الهادئ إلى جزر هاواي، من ثَمَّ إلى ثلاثة مواقع في الولايات المتحدة، بضمنها مدينة فينيكس ومطار "جي أف كي" في نيويورك. ووِفقاً لقائديْ الطائرة، سوف تعتمد المحطة الثالثة على الظروف الجوية. وبعد ذلك ستعبُر الطائرة المحيط الأطلسي في رحلة تاريخية أخرى، قبل أن تتوقّف في جنوب أوروبا أو شمال إفريقيا، لتعود ثانية إلى أبوظبي.وسيتواصل قائدا الطائرة بشكل مستمر عبر الإنترنت مع وسائل الإعلام والمدارس والمؤسسات البيئية غير الحكومية، بالإضافة إلى غرفة عمليات في إمارة موناكو.
المصدر: SWI
[email protected]