هناك في تلك البقعة الصغيرة، واحة غضّة تفتّحت فيها أكمام الورد المزهرة بألوانها الممزوجة، تحيطها أشجار الصنوبر الباسطة ظلالها، حيث يخيّم صمتٌ رهيبٌ يخفي أسرارا، ويحكي قصصًا، سيرة ومسيرة ونمط حياة.
يرقد نخبة من خيرة شباب الطائفة المعروفيّة، الذين غابت شمسهم عن أمّهاتهم، آبائهم، أولادهم، زوجاتهم، ومجتمعهم.
هذا هو سيّد الموقف في المقابر العسكريّة في البلاد، في ذكرى الشهداء الذين سقطوا في معارك إسرائيل منذ قيام الدولة، مشهد مؤثر في ملامح المشاركين، وتحديدًا الأبناء والأمّهات تقول وبلغة صادقة ومعبّرة: آهِ ما أقسى القدر وما أصعب لوعة الفراق والفقدان,
في مدينة شفا عمرو، وكما في كلّ ذكرى، الموقف والمشهد لا يختلفان.
وقد تمّ برعاية وتنظيم وإشراف المدرسة الشاملة (أ)، التي يديرها المدير العامّ المربّي سلمان أبو عبيد مراسيم ذكرى الشهداء بحضور العائلات الثكلى، ممثل عن الحكومة، عدد من الضباط والشرطة، رئيس ونائب واعضاء بلدية شفا عمرو وشخصيّات اعتبارية ودينية.
في كلمته المؤثرة، تطرق ممثل الحكومة، ابن شفا عمرو، نائب رئيس الكنيست، حمد عمار، الى حلف الدم وربط مصير الطائفة الدرزية بمصير الدولة ومواقف الجنود البطولية وتضحيتهم بحياتهم من اجل الاستمرارية ومشاركة العائلات الثكلى أحزانهم، وكانت كلمة لنائب رئيس البلديّة فرج خنيفس والعائلات الثكلى، وقد تمّ وضع أكاليل الزهور من قبل الحكومة، البلديّة، والعائلات الثكلى والمدرسة المُتبنّية للمراسيم على قبور الشهداء.
رغم حساسيّة الموقف، لا بدّ أن نقف لنذكر أنّنا ما نحن بحاجة إليه ليس فقط الخطابات المنمّقة والشعارات الرنّانة، وإنّما معالجة مشاكلنا وأوضاعنا المزرية والمقلقة التي لا حصر لها، وفي كلّ مرافق وميادين الحياة، والعمل معًا قيادة وشعبا، وبكلّ الوسائل من أجل حث المؤسّسات الحكوميّة
ومطالبتها لوضع حدّ لأوضاعنا المخجلة، تخصيص الميزانيّات لإقامة المشاريع الحيويّة، تطوير البنية التحتيّة، توسيع مسطّحات البناء وإيجاد فرص وأماكن عمل وخاصّة للجنود المسرّحين.
رحم الله الشهداء، وصبّر أهاليهم راجيًا وآملا أن تشرق شمس المحبّة والتسامح في نفوسنا، محاربة الجهل والتعصّب والتطرّف ويتحقّق السّلام العادل والشامل في ربوعنا والعالم.
[email protected]