يأتي العيد ومعه قليل من الفرحة لأن الذكريات الحزينة والأوضاع المأساوية تعصف بالنفس ليأتي كالغريب في وطنه لأن العيد الحقيقي يكون في استقرار واجتماع الأسرة الواحدة معًا بين الأهل والأحبة. وللأسف فقد هذا العيد معانيه حتى ليلة العيد أضحت بلا أنوار، تلك التي تعودنا عليها ودبت البهجة والطمأنينة في القلوب لكنها باتت بائسة هزيلة تعزف ألحانًا ممزوجة بالدموع والأسى والاستياء.
غاب المعايدون عن العيد، وكأنه غير مرغوب فيه، وصار مجرد مناسبة عابرة لم تعد لها أي قيمة من وجهة نظري، ليس فقط بسبب جائحة الكورونا التي اقتحمت كافة أسوار المدن والدول وفرضت نظامًا وحياة جديدين وأدخلت العالم بأسره في حيرة ليقف عاجزًا عن إيجاد حلول لها. وإنما أيضا بسبب غياب الألفة والمحبة بين كافة طبقات المجتمع عامة والأسرة الواحدة تحديدًا، إذ حلت لغة التجريح والعنف بدل المصافحة واللطف، لتصبح هي اللغة الأولى المعترف بها في حياتنا اليومية.
ناهيك عن اتباعنا لثقافة المظاهر الخداعة والتلون ونكران الجميل ننسى ونتناسى ما يدور على مسرح حياتنا اليومية من تفاقم أعمال الانتقام والإجرام وتفشي ظاهرة الخاوة المقلقة وانتهاك حرمة وحرية الغير بينما لا يحرّك صانعو القرارات والسلطة ساكنا، وغدت قلوبهم صلبة وآذانهم صماء وعيونهم عشواء لا ترى.
وكي لا أترك للقارئ النهج السلبي، فلا يعتقد أن العيد أصبح في عداد المفقودين، أقول: علينا الوقوف على هذه المحطة المطولة لنعيد حساباتنا ونعمل على إعادة هيبة العيد ونحافظ على معانيه واستقباله كما أمرنا الدين والعادات الأصيلة. فما نشهده عبارة عن بركان في مراحل انفجاره.
نسأله تعالى أن تتعالى القلوب وتتصافى النفوس وأن نحكِّم العقل والضمير ونعود إلى أنفسنا، آملًا أن تنقشع تلك الغمامة، ويبزغ فجر جديد يبشر بقدوم عيد بحلة جديدة، راجيا من كل من ينبذ العنف والعنصرية ويسعى إلى تحقيق العدالة أن تكون أيامه كلّها أعياد، وكلّ عام والجميع بألف خير!!
[email protected]