أعلنت جامعة براون و التي تمثل أحد اهم سبع جامعات في الولايات المتحدة و عضو رابطة الجامعات الأقدم و الأكبر (آيفي ليغ - Ivy League) يوم 27 مايو 2020 عن إنشاء أول كرسي بحثي للدراسات الفلسطينية في مركز الجامعة لدراسات الشرق الأوسط كثمرة للتعاون بين الجامعة و مجموعة من المانحين المهتمين بالشأن الفلسطيني من العرب و الأمريكيين بحيث يكون المنصة البحثية الداعمة للتوسع في الدراسات الفلسطينية و بناء اتجاهات جديدة فيها و منبرا للصوت الفلسطيني في المجتمع الأمريكي والتواصل بين الباحثين و المجتمع.
بعد عامين من التواصل بين الجامعة والمانحين والمؤمنين بالقضية الفلسطينية، أعلنت جامعة براون في مايو إنشاء كرسي محمود درويش للدراسات الفلسطينية وعينت الأكاديمي والخبير في الدراسات الفلسطينية ذو الأصول الفلسطيني البروفيسور بشارة دوماني كأول أستاذ مشرفاً على الكرسي، كانت فرحة كلاً من المانحين ومؤيدي الدراسات الفلسطينية حول العالم.
السيد عمر المصري عضو مجلس الادارة في اكاديمية القدس للبحث العلمي ومؤسسة منيب وانجلا المصري أحدى المؤسسات المانحة للكرسي من الذين لم تكن لهم أي علاقة سابقة بجامعة بروان، ولكن من المؤمنين بأهمية هذا العمل، علق بالقول “لأسباب عديدة، تعتبر جامعة براون بعراقتها وأهميتها هي المكان المثالي لإنشاء مثل هذا الكرسي، وكلنا امل ان يكون هذا الكرسي منارة لإنتاج المعرفة ونقل وتوثيق الصورة الحقيقة للحضارة والتاريخ والثقافة والحياة الفلسطينية للمجتمع الأمريكي والعالم بأجمعه." بهذه الكلمات لخَص السيد عمر المصري رؤية المانحين التسعة الذين جمعهم إيمانهم بالحق والقضية الفلسطينية ليعملوا معا لتوفير التمويل والدعم المالي لإنشاء هذا الكرسي والأمل يحدوهم بأن يكون هذا الكرسي منبراً فكريا وبحثيا للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني في الداخل والشتات.
بدوره يقول البروفيسور دوماني: "إن أهم شيء في الكرسي ان فلسطين والفلسطينيين والدراسات الفلسطينية ستكون المحاور الأساسية للبحث والدراسة لجميع الأكاديميين والمهتمين في جميع أنحاء العالم، وكلنا فخر بقيادة جامعة براون الريادية التي وافقت ودعمت واحتضنت تأسيس مجال دراسي متخصص في التجربة الفلسطينية."
منذ عام 2012 وجامعة براون تعمل على بناء نظام متكامل معترف فيه دوليا في دراسات وأبحاث الشرق الأوسط القديمة من خلال دعم عدد من المراكز والكراسي والبرامج المتخصصة، بما في ذلك معهد جوكووسكي للآثار والعالم القديم ومعهد واتسون للشؤون الدولية والعامة. وبانضمام البروفيسور بشارة الدوماني للجامعة وبخبرته الكبيرة في الدراسات الشرق أوسطية والإسلامية المعاصرة، نمت هذه الجهود لتنتج خطة شاملة يتم من خلالها تأسيس وقفية دائمة لتمويل كرسي بحثي متخصص في الدراسات الفلسطينية لثلاثة مناصب تدريسية وبحثية في هذا التخصص وليستكمل منظومة الجامعة وليصبح كرسي محمود درويش للدراسات الفلسطينية هو الكرسي البحثي الثالث من بين الكراسي البحثية التي تم إنشاؤها في جامعة براون، بعد كرسي آغا خان للعلوم الإنسانية وكرسي ستيفن روبرت لدراسات الشرق الأوسط.
ولاستكمال منظومة البحث والدراسات الشرق أوسطية واستدامتها، أطلقت جامعة براون مجلسًا استشاريًا لدراسات الشرق الأوسط يتألف من مجموعة عالمية من خريجي الجامعة والمتخصصين والمهتمين والمانحين ليكون القاعدة الداعمة لرؤية البروفيسور دوماني في إنشاء برنامج فكري متميز بالدراسات الفلسطينية والذي أكد أنه "أراد دوما المساهمة بإنشاء برنامج للدراسات الفلسطينية في جامعة بروان لأن تاريخ فلسطين وأصوات شعبها غالبًا ما يتم تهميشها في المجتمع الأكاديمي عامة على الرغم من كونها مجالاً دراسيا وبحثيا متناميا في السنوات الأخيرة وانه لا يمكن أن تجري دراسات في الشرق الأوسط دون الاطلاع على الدراسات فلسطينية وان الفلسطينيين جزء لا يتجزأ من تاريخ وثقافة المنطقة". مؤكداً "ان إنشاء هذا الكرسي جاء في اللحظة المناسبة ليتكمن من تحقيق حلمه والمساعدة في دعم إنشاء هذا الكرسي وأجندتة البحثية".
الدكتور بول سورنسن أحد خريجي الجامعة في درجتي الماجستير والدكتوراه في عام 1977 والذي تم تكريمه على مؤخرا بدكتوراه فخرية من جامعة بروان في 2019، والعضو في المجلس الاستشاري لدراسات الشرق الأوسط واحد المانحين لكرسي محمود درويش للدراسات. "أنا لا أرى كيف يمكن لأي جامعة تقدم دراسات الشرق الأوسط دون وجود قسم للدراسات الفلسطينية. حيث إن الفلسطينيين جزء لا يتجزأ من تاريخ وثقافة المنطقة ".
تاريخيا بدأ كل من د. بول سورنسن وزوجته جوان ويرنيج سورنسن و المكرمة أيضا بدكتوراه فخرية من جامعة بروان في عام 2019 نظيرا لتميزها ، بتقديم دعم مادي لطلبة الدراسات العليا المتخصصين في الدراسات الفلسطينية كنتيجة مباشرة لما سمعوه و عايشوه من خلال قضاء ابنهم كريستيان خريج جامعة بروان في 2006 عدد من السنوات في تدريس اللغة الإنجليزية للطلبة الفلسطينيين في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية و ليتحول هذا الدعم لاحقا إلى وقفية خاصة لدعم باحثي ما بعد الدكتوراه في الدراسات الفلسطينيه ، وليكتمل مشوار مساندتهم للقضية و الشعب الفلسطيني بدعمهم لكرسي محمود درويش للدراسات الفلسطينية. حيث يقول د.سورنسن: "تعلمنا منه عن المنطقة وظروف المعيشة المحلية، وعلمنا أن القليل من المعلومات الموثوقة متوفرة عبر القنوات العادية، وإن بناء كرسي بحثي حول فلسطين والفلسطينيين في مؤسسة أمريكية هو أحد السبل لتوسيع مصادر المعلومات الموثوقة ودعم هذا الشعب وإيصال الحقيقة".
بناء التحالف لدعم وتمويل إنشاء كرسي محمود درويش للدراسات الفلسطينية
عندما بدأ البروفيسور بشارة الدوماني ود.بول سورنسن والمانحين الأوائل في التواصل مع الخريجين والمهتمين لإنشاء كرسي جامعي للدراسات الفلسطينية لم يخطر ببالهم حجم الاهتمام الكبير بهذا المشروع. السيد باسم سلفيتي خريج جامعة بروان في 1993 والذي كان والداه جزءًا من المجموعة الأولى من المهجرين الفلسطينيين الذين انتقلوا من مدينة يافا في فلسطين إلى الأردن بسبب الصراع في المنطقة كان من أوائل المتبرعين موضحا بان "جميع المانحين مؤمنون بأهمية بناء نهج جديد في الدراسات الفلسطينية في جامعة براون أكثر شمولية ولا يقتصر على السياسة بل يفتح الآفاق لاتجاهات دراسية وبحثية تركز على الثقافة والتاريخ والحضارة والشعب ويكون قادرًا على توثيق وقيادة البحث والدراسة حول جميع هذه القضايا".
في الواقع كان بناء تحالف لدعم إنشاء أول كرسي جامعي في الدراسات الفلسطينية فرصة فريدة قدمتها جامعة براون البحثية الكبرى ليتجاوز مجتمع خريجي الجامعة ويشمل العديد من الفلسطينيين البارزين والذين ليس لهم علاقات سابقة مع جامعة براون، بما في ذلك عائلتي المصري وأبو غزالة وغيرهم من العائلات الفلسطينية لكونها فرصة تاريخية لبناء مجتمع بحثي وعلمي في الحضارة الفلسطينية.
حيث يؤكد باسم السلفيتي بانه عندما أطلقت جامعة بروان هذا المشروع كان على ثقة بانه سيصبح حقيقة و "لم يكن ليحصل على كل هذا الدعم من المانحين لولا قيادة جامعة براون للمشروع، حيث كان المانحين مهتمين جدا في المشروع ليس لأنه يقدم برنامجًا فريدًا من نوعه بل لأنه يتكامل بشكل كبير مع ما كان هؤلاء المانحين يفعلونه من خلال أعمالهم الخيرية لدعم القضية الفلسطينية في جميع أنحاء العالم".
رشا أبو غزالة أحد المانحين للكرسي، أشارت إلى الأمل الكبير الذي يحدوا المتبرعين بأن يخلق كرسي محمود درويش للدراسات الفلسطينية "تأثيراً مضاعفا" وعظيما لخدمة القضية الفلسطينية في ظل وجوده في جامعة بروان العريقة، كما أوضحت ان "ان إقامة هذا الكرسي للدراسات الفلسطينية في جامعة براون سيكون له اثر كبير في خلق منارة علمية وبحثية تجمع الكثير من مؤسسات التعليم العالي الأخرى أن تتبعها وتحاكيها".
بدوره يقول أحد خريجي جامعة بروان من فلسطين وأحد المانحين للكرسي "إن الأهمية الأكاديمية والمؤسسية والرمزية لهذا الأمر استثنائية" ويؤكد "أن قيام جامعة براون بهذه الخطوة الكبيرة سيشجع على النزاهة الفكرية والجدية البحثية ليكون هذا الكرسي مركزًا للدراسات الفلسطينية قادرا على بناء إطار شرعي وعلمي للعديد من القضايا الفلسطينية وبطريقة غير سياسية ".
هذا ويشير د.بول سورنسن المانح الأكبر لجامعة براون "إن جلوس أكاديمي متميز عالميا كالبروفيسور بشارة دوماني على هذا الكرسي سيولد بل شك زخما كبيرا للدراسات الفلسطينية وسيسهم بشكل ملموس في زيادة حجم المنشورات العلمية وسيقود لاعتراف عالمي بأهمية هذه الدراسات وخصوصا في ظل وجوده في جامعة براون العريقة أملا أن يؤدي هذا إلى خلق حوارات تعزيز التواصل والحوار وفهم القضية الفلسطينية في الولايات المتحدة وعلى مستوى العالم".
بالإضافة إلى دعمهم المالي يؤمن جميع المانحون بان تسمية الكرسي باسم الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش له أبعاد حضارية وإنسانية وتاريخية حيث يقول البروفيسور بشارة دوماني "بأن كلمات محمود درويش تعبَر بشكل واضح ومميز عن الواقع الفلسطيني وتجاربه المعيشية التي امتدت عبر السنين من خلاله شخصيا كفلسطيني، عايش غالبية المراحل التي مر بها معظم الفلسطينيين من العيش في إسرائيل، ثم لاجئاً في المنفى، وأخيراً مقيماً في الضفة الغربية بعد اتفاقيات أوسلو". كما يؤكد عمر المصري بأن " محمود درويش يجسد روح الشعب الفلسطيني في نواح كثيرة وما زال صدى اسمه وصوته وشعره يتردد عبر المنطقة وهو خير رمز تتبناه جامعة براون وتسعى لتحقيقه من خلال هذا الكرسي".
بينما يبدأ البروفيسور بشارة دوماني فترة رئاسته لكرسي محمود درويش للدراسات الفلسطينية ، يتطلع المانحون و كل المهتمين في العالم العربي و الولايات المتحدة للنتائج المهمة من هذا الكرسي البحثي، والتي ستؤسس على الأرجح اتجاهات جديدة تنير الضوء على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني في السنوات القريبة القادمة حيث يؤكد أحد خريجي جامعة بروان من فلسطين وأحد داعمي الكرسي بانه "كان على الدوام فخورًا بكونه خريجًا من جامعة براون و لكنه اليوم أكثر فخراً كونه جزء من هذا الكرسي الموطن في هذه المؤسسة الرائدة في العمل الفكري و التي استطاعت ان تحول شيء نؤمن به بعمق إلى حقيقة ستنير طرقا جديدة في الدراسات الفلسطينية ".
[email protected]