بداية، جاءت هذه المقالة هادفة لتسليط الضوء على حقيقة وواقع مجتمعنا، وما يدور فيه، وتحديدًا بين أفراد الأسرة الواحدة والأخوة وبين أروقة المكاتب والجلسات الخاصّة والرسمية وما تشهده من أحداث مؤسفة ،مخزية ، تردي أوضاعنا وعلاقاتنا، ممّا تدعو إلى القلق لنصبح مجتمعًا سطحيًّا بسيطًا غارقًا في التعامل بالقشور، بعيدًا عن الجوهر، حاقدًا وملوّنًا، حتّى وصل عمليًّا إلى الحضيض بينما المجتمع الغربيّ يدعم الفاشل حتّى ينجح ويحقق هدفه المرجو، ونحن نحارب ونحاسب الناجح ونلاحقه لنحطم طموحاته ونفشلها، نحارب الموهبة والتقدم والرقي بشتى الوسائل، ونحاول أن نشلَّ ونحطم معنوياته ونبيد إنجازاته. فهناك من تعفَّن داخله ومات ضميره الذي فقده منذ أن شبّ وأنعم الباري عليه بوافر خيراته، فله ولأمثاله أقول عاملوا الناس على مبدأ "إن لم تنفعه فلا تضره، وإن لم تفرحه فلا تغمّه، وإن لم تمنحه فلا تذمّه" "واللي بوكل من خير السلطان بحارب في سيفه، مش بلعب بذيله وبغدرو في أوّل فرصة".
إن الموت ليس سيئا، لكن أن تعيش منهزما، هو بمثابة الموت كل يوم، فحذارِ أن تكون هذه آخرتك فالله لا يحبّ الكبرياء ولا يقاس الجمال والكمال بالمظهر الخارجي، لا ولا بحلاوة اللسان، ولا القلوب بنبضها فالقناعة دليل الأمانة والأمانة دليل الشكر والشكر دليل الزيادة والزيادة دليل بقاء النعمة والحياة دليل الخير كله فأبواب الخير تملأ الأرض كما النجوم تملأ السماء.
رغم ما تقدّم، هذا لا يعني أننا لم نكن سببًا أو طرفًا، فعلينا أن نلوم أنفسنا لأننا أحيانا نتظاهر بالغباء، قد نقول نعم عندما يجب أن نقول لا، ونصمت عندما يجب أن نتكلم، نحني رأسنا عندما يجب أن نتحدى، نفضّل مصلحة الذين لا يستحقون على مصلحتنا ونسمح لهم الاستمرار بالخطأ، فيستغلون طيبة قلوبنا لأننا لم نعرف قيمة أنفسنا.
ربي اجعلنا من الّذين استقوا من منابع الحكمة، وركبوا سفينة الفطنة، وأقلعوا بريح التوكّل، وسبحوا في بحر النجاة، ورسوا في شاطئ الخلاص.
[email protected]