نعم، التاريخ يصنعه الرجال، رجال مجاهدون طموحون، أوفياء، لهم مواقفهم يتحلون بالشجاعة والأخلاق سطروا صفحات مشرقة بجهودهم الجبارة وتضحيتهم وضحوا بدمائهم لتصبح صفحاتهم ناصعة، صفحات نضال من أجل الوطن والحرية والعيش الكريم والتحرر ومحاربة ونبذ التفرقة والتجزئة والطائفية.
جاءت هذه المقدمة عن المجاهد القومي السوري الأصل ابن طائفة الموحدين الدروز، قائد الثورة السورية الكبرى عام 1925 ضد الانتداب الفرنسي، عطوفة سلطان باشا الأطرش، أحد اشهر الشخصيات الدرزية في عصرنا هذا.
وقد تمَّ في هذه الأيام، تخليدا لذكراه، إقامة نصب تذكاري تقديرا ووفاءً له في مركز مدينة شفاعمرو بدوار العين بحضور حشد من أهالي المدينة وذلك بمبادرة مباركة قام بها عدد من شبان أبناء الطائفة الذين قاموا بحملة تبرعات من أهالي المدينة.
نبذة عن حياته وسيرته
ولد في قرية الثرية في محافظة السويداء الشامخة سنة 1891 وتوفي عام 1982. كان والده أيضا مجاهدا وزعيما مؤسس المشيخة الطرشانية، قاد معركة ضارية عام 1910 ضد سامي باشا الفاروقي والتي شنتها السلطات العثمانية على جبل الدروز بهدف إخضاعه والسيطرة عليه إذ قام الأتراك بإعدامه شنقا بسبب تمرده عام 1911.
التحق الأطرش بالعسكر العثماني وأدى الخدمة العسكرية في الأناضول ومنح لقب باشا تقديرا له من السلطات العثمانية، وبعد انتهاء خدمته كانت الحرب العالمية الأولى فقرر سلطان التصدي للوجود الفرنسي والبريطاني فعاد إلى بلاد الشام وبدأ نشاطه السياسي حيث أصبح مسقط رأسه ملجأ ومعقلا للمناضلين الملتحقين بالثورة العربية في العقبة وكان أول من رفع العلم العربي في ساحة..... فوق دار الحكومة بدمشق قبل دخول الملك فيصل، ومن ثم على سطح بيته عندها منحه الملك فيصل الأول لقب باشا عام 1918 .
وبعد تقسيم الشرق الأوسط وبلاد الشام طرح عليه الفرنسيون حكم جبل الدروز في محافظة السويداء بهدف فصل الدروز عن الحركة الوطنية السورية مقابل اعتراف الدروز بالانتداب الفرنسي إلا أنه رفض ذلك العرض.
رفض كلّ المناصب السياسية التي عرضت عليه بعد الاستقلال، وكان عبد الناصر قد زاره في السويداء عام 1966 بعد الانقلاب العسكري الذي قاده حافظ الأسد حيث تم اعتقال عدد من الضباط والسياسيين الدروز فأرسل الأطرش برقية تهديد إلى الأسد جاء فيها:
إذا لم يتم الإفراج عن المعتقلين واستمرت قيادتكم بالاعتقالات والتصفيات الطائفية، فكما تعلمون، إن الجبل اعتاد وما زال يقود الثورات لطرد الخائن والمستعمر ولكن شهامته تأبى عليه أن يوجه ضد أخيه ويغدر قومه"
ومن أجل المصداقية كانت علاقته مع حافظ الأسد فاترة ولم يزر السويداء إلا عند وفاته حيث أصدر رسالة حداد شخصية تنعى القائد الكبير، وأقام ضريحًا تخليدا لشهداء الثورة.
نال الكثير من الأوسمة وربطته علاقة وطيدة مع عدد من القادة العرب ولم يتوقف نضاله بعد الثورة وشارك في الانتفاضة السورية عام 1945 وفي سنة 1948 دعا إلى تأسيس جيش عربي موحد لتحرير فلسطين، دعم وأيَّد انتفاضة كمال جنبلاط في لبنان عام 1958 ضد سياسة كميل شمعون.
وقد بارك، كما هو معروف، الوحدة العربية بين مصر وسوريا.
[email protected]