فوجىء جان كوم، أحد مؤسسي تطبيق “واتساب” برسالة إلكترونية عنوانها: “هل تريد أن نعمل سوياً؟”، تصله في ربيع العام 2012. غير أن المفاجىء لم يكن الرسالة نفسها، إنما كان في أن مرسلها هو مارك زوكربيرغ، مؤسس شبكة التواصل الاجتماعي “فايسبوك”.
فمؤسس “فايسبوك” كان يستخدم “واتساب” وأراد أن يلتقي مع كوم على العشاء، إلاّ أن الاخير تمهّل في الرد، ثم أجاب قائلا إنه سيسافر قريباً، لانه يواجه مشاكل في خدمة تطبيق “واتساب”. فإقترح زوكربيرغ أن يلتقيا قبل أن يسافر كوم. عندها استعان كوم بزميله، وهو أحد مؤسسي “واتساب” براين أكتون، ومموله جيم غويتس، وهو شريك في شركة “سيكويا كابيتال”، الذي علق على رسالة زوكربيرغ بكلمة: “مثابر”. ونصح أكتون صديقه بأن يذهب إلى اللقاء، وقال له: “عندما يتواصل معك أحد بأهمية هذا الشخص، يجب أن ترد فوراً”.
بعدها إلتقى زوكربيرغ وكوم على الغداء في “إسثيرز جيرمان بايكيري” الذي يبعد 20 ميلاّ عن حرم مؤسسة “فايسبوك” في مينلو بارك في ولاية كاليفورنيا. وعبر زوكربيرغ خلال اللقاء عن إعجابه بعمل كوم، وألمح إليه بأنه مهتم بدمج الشركتين سويةً. وهكذا بدأ التودد الأكثر ربحاً في تاريخ التكنولوجيا، والذي تحول بعده الإعجاب إلى صداقة، ثم إلى عملية نقل للثروة لا مثيل لها، أمام باب مكتب كوم. إذ اشترى “فايسبوك” الشهر الفائت واتساب مقابل 4 بليون دولار نقداً، 12 بليون على شكل أسهم (8.5% من الشركة)، زائد 3 بليون على شكل أسهم مقيدة.
ومن المتوقع أن تبرز هذا الصفقة زوكربيرغ كـ”صانع البلايين”. أما كوم، المهندس اللامع والخجول الذي انتقل من أوكرانيا إلى الولايات المتحدة من دون أي ثروة، فسيصبح عضواً في مجلس إدارة “فايسبوك”، وسيجني من الضرائب التي ستدفعها الشركة نحو6.8 بليون دولار. أما مساعده براين أكتون، المهندس السابق في “ياهو” والذي يبلغ من العمر 42 عاماً، ولم تقبله شركتا “فايسبوك” و”تويتر” موظفا لديهما في الماضي، فسيجني 3 بليون دولار من الضرائب.
وعلق أكتون على الصفقة قائلا إنها أدهشته. أما شركة “سيكويا كابيتال”، رأس المال الاستثماري الوحيد الذي سيربح من هذه الصفقة، فستجني 3.5 بليون دولار.
كل هذه الأرقام تعتبر خيالية بالنسبة إلى شركة من 56 موظفاً ودخل يبلغ 20 مليون دولار، لكنها كانت صفقة رابحة بالنسبة إلى “فايسبوك”، لا سيما وأن “واتساب” هو تطبيق التواصل الأكثر إستعمالاً في العالم بعد التلفون والبريد الإلكتروني وسيقدم خدمة الإتصال الصوتي في وقت لاحق من السنة.
في المحصلة، هذا التطبيق يمكن ان يعطي أموالاً طائلة لزوكربيرغ، فكل مستخدم يكلف واتساب 5 سنتات، علماً أن خدمة “واتساب” ليست مجانية تماماً في بعض البلدان كالولايات المتحدة وبريطانيا.
وتعتقد “واتساب” أن أرباحها ستصل إلى بليون دولار في السنة في العام 2017، وقال مطلعون أن التطبيق سيبدأ بفرض تكاليف على شركات الطيران أو الشركات الأخرى كـ”أوبر” للسماح لها في إرسال رسائل إلى مستخدمي “واتساب” بعد سماح مستخدمي هذه الشركات بذلك.
[email protected]