النصب التذكاري الشّامخ في وسط مدينة شفا عمرو الذي أقيم تخليدّا لذكرى ضحايا المجزرة والذي يدخل هذه الأيام عامه الثاني عشر، وكما هو معروف، راح ضحيتها أربعة من خيرة شابات وشبان أبنائها؛ قوّض الهدوء الذي عمّ سماء وأرجاء شفا عمرو الآمنة الشامخة ذات التاريخ الحافل، مصدر الفخر والاعتزاز، على يد الجندي الحاقد المتطرف ناتان زادا الذي أطلق عامدًا متعمدًا عليهم النار ليُسكت خفقات قلوبهم الكبيرة وينثر دماء من كانوا على متنه لتغطّي أرضية الباص.
لا شكَّ أنّ لهذه العملية الإرهابية المفاجئة أبعادًا ونتائجَ وتطوراتٍ وبصماتٍ على الساحة السياسية المحلية والمنطقة.
أنا شخصيا، لا أسعى، من خلال هذه الكلمات، لأعود بذاكرتي لتاريخ المجزرة 4.8.2005 ذلك اليوم المشؤوم والمؤلم لأنّه وقع أمام مكتبي، وألحق ما ألحق بي وبسيّارتي من أضرار نتيجة اصطدام الباص رقم 167 بسيارتي الخاصة، لا سمح الله، وإنما أسفًا، لوعة، ألمًا وتضامنًا مع كل من تواجد في الحافلة، ولما مرّوا به من معاناة وخوف. وطبعا تضامنًا مع أمهات، أهالي، وذوي الضحايا الذين لم يرتكبوا أي ذنب، وما زالت صرخاتهم تثير الذّاكرة وتوجع القلب.
الأسرة الشفا عمرية بكافة مكوناتها وقفت وقفة مشرفة، وقفة كرامة ووحدة، وعملوا على تشكيل لجنة شعبية أخذت على مسؤوليتها الدفاع عن الشباب المتهمين، وعاشت جحيمًا طيلة ما يزيد عن سبع سنوات تمّ في نهاية التحقيقات إدانتهم والحكم عليهم بالسجن بعدة سنوات، ثمّ أثمرت جهود تلك اللجنة وأدّت إلى تحريرهم.
من على هذا المنبر، وفي هذه الأوضاع العصيبة، أرى أنّ ما نحن بأمسِّ الحاجة إليه، هو العمل بنوايا سليمة من دافع المسؤولية والغيرة؛ لمحاربة ظواهر العنف والتطرف واللجوء إلى لغة الحوار والمحافظة على وحدتنا وكرامتنا...
ذكراكم ليست محفورة فقط على النصب التذكاري، وإنما في خلجات قلوبنا وذاكرتنا.
[email protected]