عندما نظم أمير الشعراء، احمد شوقي، قصيدته المشهورة : "قم للمعلم وفه التبجيلا ..." كانت هذه الكلمات تتلاءم، تطابق وتتناسب مع الفترة الزمنية التي نظمها باعتبار المعلم آنذاك أساس المجتمع الذي أنشأ، وخرّج أجيالا صالحة تعلمت الأخلاق والقيم السامية والتواضع والاحترام ودفعه للرقي وركب الحضارة، فكان للمعلم مكانته ودوره ومنزلتة وتقديره؛ لتفانيه وتضحيته وإخلاصه.
إلا أننا وللأسف، وفي أيامنا هذه، فقدت مهنة التعليم احترامها، مكانتها، وقدسيتها. وهذا لم يأت من فراغ وطريق الصدفة، ولذلك أسباب عدة تعود إلى المعلم نفسه وشخصيته والنظرة الاجتماعية للمعلم التي أصبحت دون المستوى التي كانت عليه في السابق، وقد يكون للقوانين والأنظمة والدخل المتوسط أثر مباشر وعامل داعم لتصبح مهنة غير مرغوب فيها.
أضيف وأقول، معذرة من جمهور المدرسين والمدرسات، إنّ تجاهلنا ودعمنا لظاهرة الوساطة في مجتمعنا وعدم اختيار المعلم المناسب، ومدير المدرسة الذي تنقصه الكفاءة والشخصية لإدارة المدرسة ومهنة التعليم، ممّا أدّى، بلا شك، إلى تردّي النتائج والتحصيل في وسطنا العربي، ناهيك عن دور المؤسسة الكبرى في كل مدينة وقرية، وطبعًا دور الأهل الذي يحكم العاطفة قبل العقل يساند ويدعم ابنه في أي مشكلة. فصار المعلّم يعتبر عدوا لابنه؛ إذ فور سماع أي مشكلة أو سوء تفاهم يتوجه إلى المدرسة مع عدد من أفراد عائلته؛ ليشن هجومًا عنيفا على المعلم وإدارة المدرسة مهددا بتقديم شكوى للشرطة بتهمة التجريح والإهانة واستعمال القوة.
رماح، تعتبر هذه المهنة أشرف المهن والقيم السامية وخطوة لتطوير ورقي الشعوب وتقدمها، إنّها أجلّ الفضائل وأشرف المزايا ومصدر أمجاد الأمم، علينا دعم المعلم ومساندته؛ لأنه كالسفينة التي تبحر وبحاجة إلى ربان يقودها إلى بر الأمان، ومن جهة ثانية علينا غرس روح التسامح لدى أبنائنا وتشجيعهم على احترام المعلم ومهنة التعليم وزرع روح الاستقلالية وتكوين القيم التربوية لديهم الأمر الذي يؤدي إلى تربية طموحاتهم المبكرة ومن ثم تحقيق تفوق دراسيّ.
[email protected]