نعم، إنّ نهضة المجتمعات ورقيّ الأمم المتحضّرة تبدأ بتأسيس وبناء الفرد، ومن ثم الأفراد الذين يمثلون الجماعات التي بدورها تمثل الإنسان باعتباره الركن الأساسيّ والمضمون الأول.إنّالتفكير بعقلانية واتزان من شأنه أن يحارب كافة مظاهر الجهل، ويخلق، في نهاية المطاف، مجتمعا متزنا ومتحضرا.
لكن حقيقة وواقع مجتمعنا بعيدة كلّ البعد عمّا تقدّم. أقولها بكل أسف وحسرة لأنّ مجتمعنا تسيطر عليه بصورة واضحة ظواهر عديدة من المظاهر التي غدت مسلكه، وتجاوزت كل الخطوط والاعتبارات، وأضحت شغله الشاغل مقابل إخفاء الجوهر والفكر العميق.فالمدح المفرط البعيد عن تصوير الحقيقة والواقع بحسّ صادق وضمير حيّ، ينعكس سلبيًّا ولا يصبّ في خدمة ورقي المجتمع عامّة، وقد يضرّ بالممدوح ويدفعه إلى التّكبّرحتّى يدبّ في نفسه الشعور بالكمال، وقد يخلق المشاكل والفتن.
فهيا نعمل معًا وسويّةًّ على إلغاء ظاهرة الثقافة الذاتيّة المتفشية في مجتمعنا التي أكل عليها الدهر وشرب، واستبدالها بثقافة تتمشّى مع ركب الحضارة المتطوّرة. فللعظمة طريقٌ واحدٌووحيد، مبدأه التجرد والإخلاص، ومنتهاه التواضع، وبين هذا وذاك يدخل الجدّ والكدّ والعمل الدؤوب. فليس للرقيّ مسلك آخر، وإذا انحرفت عن الطريق في أوّله فمصيرك الهلاك!
ولكي لا يساء فهم ما بين السطور أودّ أن أؤكّد أني لا اقصد أن لا نجامل،ولا نقول كلمة طيبة لأن الكلمة الطيبة مطلوبة، وإن كانت صادقة فلها رصيد في الواقع، وهي بمثابة جواز سفر لكلّ القلوب بحيث تدبّ الطمأنينة والراحة، وتنشر أريجها العطر وتقوّي وتعزز أواصر وروابط المحبّة المبنيّة على الاحترام المتبادل، كشجرة باسقة ظلالها، ثمارها طيبة، جذورها متينة، تعطّر الأجواء والأرجاء، بعكس الكلمة الخبيثة التي تخفي وراءها الحقد والكراهية، وتعمل على تفكيك الأسرة، وتتفشى في كافة طبقات المجتمع، ونهايتها الهلاك والدمار أسوة بشجرة خبيثة فروعها قصيرة، وجذورها سطحيّة أكلها السوس من الداخل ولا حياة فيها.
وبهذا الصدد رماح توجّه هذا النداء وتقول :كن أنت ونواياك إيجابيًّا تفكر فيما تريد لا فيما لا تريد، ومبادرًالما رسمته وخططت له مسبقًا،متفهمًاوفاهمًا للحياة، تفكر في العبور إلى المستقبل بثقة وأمان.
[email protected]