تزاحمت في مخيّلتي الكلمات، وتسابقت في ذهني العبارات، فاحترت أيّها أختار، وبأيها أبدأ أسطر مقالتي بهذه المناسبة ورغم أنها مناسبة سعيدة وعزيزة، لكن في القلبِ حسرة ولوعة .
تعوّد قلمي على الكتابة بكل سهولة إلاّ أنني أعترف أن كتابة هذه السطور استغرق وقتًا طويلًا محاولًا عبثًا أن أبحث عن كلمات قلّ ما تكررت،إذ ملّ القارئ التقليد والتطرّق إلى معاني العيد في كافة جوانبه، ووصف مظاهره وظاهرة الاهتمام بالجانب المادّيّ، ولبس الجديد وشراء أفخر أنواع الأطعمة والحلويات والزينة . فقد تعوّدنا وانجررنانحو ثقافة المظاهر الخدّاعة، وقصدنا إبراز الجانب الإيجابيّ للعيد بصورة واضحة، كونها مناسبة عزيزة؛ لنَدبَ الأمل في نفوس المحتفلين .
ننسى ونتناسى، مسرحيّة ومشاهد الإجرام، الترمّل وإراقة الدماء وانتهاك حريّة الإنسان، تفشّي ظاهرة الجوع والفقر، وتشريد ملايين الأطفال والنساء العزل،إنّهم يفتقدون المأوى، يلتحفون الأرض، والسماء غطاؤهم . يعانون ويموتون؛ إمّا جوعًا أو بردًا أو غرقًا في عرض البحار الغدّارة في أثناء محاولتهم الهروب من الظلم ليصلوا إلى برّ الأمان، مقابل عجز أو امتناع المجتمع الدوليّ المتحضّر عن تقديم أبسط الخدمات الحيويّة؛ حمايتهموإنقاذهم .
قد لا يتّفق معي الكثيرون،فيقول : ما بالكَ فلولا فسحة الأمل، لضاقت بنا الحياة و ... . في نظري أنّ ما يجري على مسرح الحياة ما هو إلّا طوفان ليمتحننا الباري عزَ وجل الذي خرجنا عن طاعته وأنكرنا نعمته . ولا ننظر إلى أنفسنا بعمق وتروٍّ، وقد غدت قلوبنا قاسيةً صلبة لا تعرف معنى الرّحمة، وآذاننا صمّاء، وعيوننا عمياء، لا نتمنى حتى في صلواتنا إلّا لأنفسنا ناهيك عن تفشّي العنف والحقد وغياب مصطلح التسامح و لغة الحوا ر بين أفراد الأسرة الواحدة، حتى فقدان أعزّ وأقرب الناس إلينا، لا يهزّ مشاعرنا .
نسأله تعالى، بأن تتعالى القلوب وتتصافى النفوس، وأن يلهمنا معًا وسويةً تحكيم العقل والضمير ،لتسدل الستارة عن هذه المشاهد المأساويّة المقلقة.
مع خالص أمنياتي لجميع المحتفلين بالأعياد المجيدة،والمناسبات كافّة، بالسّعادة وهدأة البال، وأن تعود على البشرية جمعاء، وهم بأحسن حال ...
[email protected]