لا أنتمي إلى مجموعة راقصي الأفاعي المحترفين التي تخرج، عندما يحلّ الظلام، لتصطاد فريستها وتتلذذ بتفريغ سمّها القاتل، ولا لعديمي الإحساس والضمير من حملة الأقلام الذين يكتبون العبارات المنمّقة ويعملون على تجميل الوجوه تحقيقًا لمآرب ذاتية ضيّقة، ويصطادون في المياه العكرة، مؤكدًا مجدّدًا أن قلمي التزم ويلتزم مسلك المصداقيّة والشفافية، هادفًا للتوعية والإصلاح. يعرف الدّاني والقاصي ذلك من خلال زاويتي رماح الأسبوعيّة التي دعوت، دائمًا، من خلاها، خاصّة في الأوضاع العصيبة إلى الانفتاح واللجوء إلى لغة الحوار والتواصل وتهيئة المناخ والأجواء الملائمة لتحقيق المساواة والعدالة قولا وفعلا لضمان حياة كريمة لأبناء المجتمع ولزرع بذور التآخي بيننا؛ لتحلّ ثقافة التسامح والصفاء في ربوعنا، ونبذ كلّ السلبيات والأحقاد.
لا وألف لا، لا أسمح لنفسي أن استغلّ هذا الظرف لأقول إنّ لدي شعورًا وشكًّا في صدق العلاقات السائدة بين أبناء البلد الواحد، وإنّ مدينتي تشهد تصاعدا في حدّة الخطاب الطائفيّ، وإنّ بلدتي الحبيبة التي أثبتت على مرّ العصور أنّها مثال وقدوة للتعايش، أضحت، لا سمح الله، مدينة تنزف. لكنّ ما يجري ويدور في الصحف المحليّة ومواقع التّواصل الاجتماعيّة، من نشر وتقارير ومقالات حول الإشكال الأخير في مدرسة البصلية أمر تجاوز كلّ الخطوط، ووضع شفا عمرو وأهلها في موقف محرج، وتوتر جديد، ممّا أدّى إلى عرض صورة سلبيّة تتنافر مع صورتها الحقيقيّة، فعكّر صفوها وأجواءها وألحق الضّرر بسمعة أهلها الطيبين .
منذ بداية الإشكال التزم قلمي الجمود من منطلق القناعة والإيمان أنّ تخفيف النشر عن الموضوع قد يخفّف من تصعيده، إلا أنني لم استطع تمالك أعصابي وقلمي الذي لم يعتد يوما على الكسل، لم يرضَ بهذا الوضع، فقرّرت أن اكتب من رؤيتي الشخصيّة لأوجّه هذه الصرخة.
علينا أن نعترف أنّ هناك علامات تشير إلى وجود انحراف سلوكيّ، فكريّ، وتربويّ عند أقلّية لا تمثّل إلا نفسها، ولا بدّ من تقويمه بصورة جذرية، ومعالجة هذا السلوك؛ لننادي، معًا وسويةً، وبصوت عالٍ: لا للتطرّف والعنصرية، لا لمسّ مشاعر ورموز الأديان السماويّة؛ لأنّها خط أحمر وبالقلم العريض. بل نقول
نعم للتآخي والمحبّة والتسامح والتصافي.
في هذا السياق نرحّب بالبيان الذي أصدرته بلديّة شفاعمرو تحت عنوان "طوينا صفحة الإشكال في المدرسة وأنظارنا إلى المستقبل"، ودعوة رئيس البلدية، الرئيس أمين عنبتاوي، بأنّ الانتماء لشفاعمرو يجب أن يكون النبراس الذي تهتدي به جميع مدارس المدينة، بغضّ النظر عن مديرها، أو مالكها، وأنّ مدارس شفاعمرو كلّها سواسية، والانتماء إلى بلدنا وشعبنا هو المبدأ الأساسيّ، ولا مساومة في ذلك، أمّاخطابنا هذا فيبقى الخطاب ذاته في كلّ مناسبة، وفي كلّ موقع.
زاويتي رماح، تؤكد أنّ مسؤوليتنا كبلد واحدة تكمن في الدفاع عنها، والعمل على الحفاظ على حريتها ووحدتها، أمنها، وأمانها، وليكن شعارنا شفاعمرو الأسرة الواحدة والأنقى، وربيعها يظلّ مخيّمًا علي قلعتها وتلالها، أراضيها، أحيائها، ماضيها، حاضرها، ومستقبلها، في كلّ فصوله؛ التربويّة، الاجتماعيّة، الثقافيّة، والسياسة كافّةً، والله من وراء القصد.
لكافّة المحتفلين بالأعياد المجيدة ...
نتمنّى الخير والبركة وراحة البال، أعاده عليكم بوافر الصحّة ...
[email protected]