كنتُ اوّل شاهدي العيان، للمجزرة التي وقعت على بعد امتار من مكتبي، والتي خلالها اصطدم الباص رقم 167 بسيارتي الخاصّة. لم يكن هذا الحدث وهذا اليوم المشؤم عاديًا، ولم يمر مرّ الكرام على الاسرة الشفا عمرية تحديدًا، وبلا شك دولة اسرائيل حكومة وشعبًا عامّة، اذ بصدده تغيّر مجرى تطورات الاحداث والامور على الحلبة السياسية.
حقيقة، عندما اعود بذاكرتي الى قلب الحدث، لم اكن اتخيل او اتصور مشهدًا من هذا القبيل على ارض الواقع، وان هذه الرصاصات التي أُطلقت والتي فجرت الهدوء المطلق الذي كان يخيم على سماء مدينتي الآمنة المعروفة بتاريخها الحافل، مواقفها المشرفة وعراقتها، والتي كانت وستبقى بأذنه تعالى مثالا يحتذى به ،قدوة ومصدر فخرٍ واعتزازٍ بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى. كانت رصاصات حيّة وأُطلقت عمدًا وبتخطيط مسبق على ابرياء لم يقترفوا اي ذنب.
كانت عقارب الساعة تشير الى حوالي الخامسة والنصف من يوم الخميس 2005\8\4، حيث اشعة الشمس الهزيلة بدأت تجر اذيلها نحو المغيب، وكنت قد تواجدت في مكتبي، فجأة سمعت صراخًا مؤلمًا يطلب النجدة يرافقه اطلاق نار كثيف. خرجت من مكتبي، فوجدت الباص بدون سائق يتدهور نحو سيارتي الخاصّة الواقفة امام المكتب تمامًا حتى ارتطم بها وتوقف يحصرها عامود الكهرباء، والذي والحمد لله كانت حصنًا منيعًا امام الباص لمواصلة مسيرة المتهور دون سائق، الذي وللأسف كان قد قُتل وما زال في مقعده وجاهدت الجندي بداخله يطلق عرايات ناريّة.
ولم استوعب ما يجري ويدور من حولي، شعرت وكأني بحلم، وليت شعوري كان صادقًا، تركت المكان بسرعة جنونيّة خشية من اطلاق النار نحوي، وتوجهت الى احد البيوت المجاورة للاتصال بالشرطة، في هذه الأثناء دخلت، وكما يبدو احدى ركاب الباص والدماع تنزف منها، عدت الى المكان فورًا واذا به يغص بالجماهير الثائرة منهم من قام بتقديم المساعدة للجرحى، ومنهم من اراد الدخول بالقوة للباص للانتقام. واستمر هذا المشهد ساعات الى حين اعلن عن مقتل الارهابي.
ثم تبدأ حملة الاعتقالات والتحقيقات الواسعة والتي نتائجها معروفة للجميع ...
هذا الحدث، سيظل عالقًا في الذاكرة والقلب أبد الدّهر ...
[email protected]