نحن، بني البشر، الصيادون الوحيدون الذين يقتلون عندما لا يكونون خائفين. بدورنا علينا أن لا نكون جبارين مع المساكين، ولا نستقوي على الضعفاء ولا نسبب لهم المزيد من الآلام، فقلوبهم مليئة بما يكفيها، والوقوف على الحياد في الحرب بين القويّ والضعيف لا يعني الحياد، ولكن يعني الوقوف مع القوي.
لقد اتّخذنا من القلم سلاحًا يساعدنا في دربنا الشّاق الطويل، لأننا نؤمن بقوة الكلمة في تغيير مجرى الحياة والأمم، ولأن المكان الذي يتدفق منه نهر الحبر حتما سيتدفق فيه نهر الدماء والدّمار، وعظمة الكلمة في الوجود الإنساني هي سبب كل الحالات وتغيير أنماط الحياة، وللكلمة قوة لا يستهان بها ودور كبير وفعّال في الحرب والسلام، وهدم الأفكار الرجعية البالية وخلق الوعي والاستقرار والأمل في النفوس، ورفع الإنسان إلى أعلى المراتب، وبالعكس قد لا ينتشر العنف في أي مكان إلّا حينما توفر له الكلمة.
وعلينا أن لا ننسى أن بداية الخلق كانت بكلمة، أبواب السماء تفتح بكلمة، أقفال القلوب تكسر بكلمات، والعقول ترقى بالكلمة الراقية، فكلماتنا تمثل، بلا شك، قيمنا وأخلاقياتنا ومروءتنا في هذه الحياة الشائكة والتي تسوء يوما بعد يوم، فيها كما يبدو لا مكان للضعفاء والشرفاء والأحرار، لأنها تلحق بهم قهرا وتجعل رحيل البعض نقطة نهايتك، فلا تكن عصفورا ضعيف الجناحين، ولا تتعجب من عصفور يهرب، وأنت تقترب منه وفي يدك طعام له، فالعصافير بعكس بني البشر تؤمن بأن الحرية أغلى من الخبز، فمن يظن أن الرزق يأتي بالقوة ما أكل العصفور شيئا مع النسر. علينا أن نحاول أن لا يستفزنا أحد ليخرج أسوأ ما فينا، لنقول له وبصوت عال هذا ليس أنا، هذا ما تريده حضرة جنابك.
فلولا الفرح في ساعات الميلاد ما كان البكاء في ساعة الموت، ولولا الوثوق بدوام الغنى ما كان الجزع من الفقر، ولولا فرحة التلاقي ما كانت ترحه.
الوحوش لا تصنع، إنها موجودة بيننا وفي داخلنا ؟!
والذباب الضعيف لسعته قاتلة، والدواء لا يغني عن الموت، والرزق مكتوب مع الأجل فلا تخف الفقر، والله رازقنا.
[email protected]