بين عربة الطفل وكرسي الشيخوخة يمضي العمر سريعا، أحاول قاصدا أن أخدع ذاتي وقلمي الذي تعود على تصوير الواقع والحقيقة ورسم لوحة أنتقي ألوانها لتبعث الطمأنينة والأمان لبلدتي النازفة التي كانت معقل الشرفاء والعقلاء والتاريخ الحافل.
أقف مطولا على مشاهدها المقلقة، أفكر بعمق وعقلانية، فأصل إلى طريق مسدود، وأتساءل: هل الهروب وإخفاء الحقيقة واتباع سياسة المساترة ومسح الجوخ من شأنها أن تخدم مشاهد وسيناريو هذه المسرحية الهزلية التي لا يسدل الستارة عنها؟!
أتجاهل السيناريو وتسلسل الأحداث، أتجاهل سماءها التي يغطيها السحاب الحالك المميت وأقول: إنها سحابة صيف عابرة، وفي انتظارنا فجر جديد يحمل في طياته آمالًا وتطلعات لمستقبل أفضل، بينما يعصف بها وبنا تسونامي عنيف أمواجه المتلاطمة تضربها من كل جهة تغرق معالمها، مكانتها، وبصماتها، وأسوارها المقتحمة حيث شرعت بالانحراف نحو المجهول وقد ترفع الراية البيضاء، إذ لم يعد بإمكاننا تعداد مشاهد أحداث ومظاهر العنف لتنسينا فرحتنا بالإنجاز التاريخي لإياد شلبي وحصوله على مداليتين ذهبيتين، وليحتل ذلك الإنجاز صدارة صفحات مواقع التواصل والصحف المختلفة، وفقدان المواطن ثقته بالمؤسسة الكبرى وباقي الدوائر المسؤولة على اختلافها ؟!
تزامنا مع هذه الأوضاع كتبت هذه القصيدة النثرية؛
عندما يتحول الوطن إلى غابة
ويمسك بالقلم جاهل
وبالبندقية مجرم
تبكي الأمهات بمرارة
يا من كنت معقل العقلاء والحكماء
وملقى الإنسانية جمعاء
يا قصص وحكايات النبع والوادي
وكروم العنب والتين والزيتون
يا مسرح الثقافة والفنون
أبكي ماضيك وتراب أرضك المسلوبة
وأطلال قلعتك المهجورة
وشوارعك المحفورة
وأزقتك وأرصفتك المنسية
آه يا بلدي كم انحرفت عن المسار
حتى أحاسيس الناس زيفت وتلوثت
وولى الزمن فيه أهلنا يخافون علينا من الغربة
وأصبحنا نحن في غربتنا نخاف عليهم من الوطن
فلا سلام عليهم، استهلكونا فأهلكونا.
[email protected]