تعتزم وزيرة الداخلية الإسرائيلية، أييليت شاكيد، طرح تمديد ما يعرف بـ"قانون المواطنة" الذي يمنع لم شمل عائلات فلسطينية، لتصويت الهيئة العامة للكنيست، في وقت لاحق اليوم، الإثنين، وسط تباين مواقف مركبات الائتلاف وأحزاب المعارضة حول دعم القانون الذي تنتهي فترة صلاحيته عند منتصف ليل الثلاثاء - الأربعاء المقبل.
ووفقا لتصريحات شاكيد، سيتم طرح القانون بصيغته الحالية، دون تعديلات، على أن تتم مناقشته خلال ساعات النهار في اللجنة التي تُعنى بالشؤون الخارجية والأمنية في الكنيست بعد أن يحظى بمصادقة اللجنة المنظمة للكنيست؛ فيما تتواصل المباحثات بين أحزاب الائتلاف للتوصل إلى تسويات مع القائمة الموحدة و"ميرتس" لضمان أغلبية تتيح تمديد القانون.
وبحسب القناة العامة الإسرائيلية ("كان 11") فإن شاكيد قد تقبل التنازل والموافقة على تمديد القانون لمدة نصف عام فقط بدلاً من عام، لكنها ترفض طلب "ميرتس" والقائمة الموحدة، منح مكانة للفلسطينيين الذين يعيشون في إسرائيل كجزء من لم شمل الأسر.
وفي حين أكد حزب "ميرتس" أن كتلته في الكنيست ستعارض تمديد بند منع لم شمل العائلات الفلسطينية في قانون المواطنة؛ تطرق رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، خلال اجتماع الحكومة الأسبوعي، أمس، إلى الخلافات حول القانون وطالب بـ"ضبط النفس"؛ وقال: "لا نريد سقوط الحكومة بسبب التصريحات المتناقضة".
في المقابل، أشارت التقارير إلى أن المعارضة لم تقرر بعد ما إذا كانت ستدعم تمديد القانون بصيغته الحالية، فيما يتواصل الحديث في أوساط الليكود عن الحاجة إلى تمرير "قانون أساس: الهجرة"، لتشديد القيود على الفلسطينيين ومنع لم شمل العائلات دون الحاجة إلى إدارج ذلك في أحد بنود "قانون المواطنة".
وذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن المعارضة تدرس إمكانية تحويل التصويت على تمديد القانون إلى تصويت على اقتراح بحجب الثقة عن الحكومة؛ وقالت مصادر القناة إن رئيس المعارضة، بنيامين نتنياهو، يجري مشاورات مكثفة مع رئيس كتلة الليكود البرلمانية، ياريف ليفين، ورئيس حزب "شاس"، أرييه درعي، ورئيس حزب "الصهيونية الدينية"، بتسلئيل سموتريتش، في محاولة لاتخاذ قرار موحد بشأن التصويت على تمديد القانون.
من جهة أخرى، عبّر العديد من أعضاء الكنيست عن الليكود، من بينهم عضو الكنيست، آفي ديختر، عن قناعة بضرورة دعم تمديد القانون. وأشار الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أن المعارضة ستنتظر حتى اللحظات الأخيرة لاتخاذ قرار موحد يلزم جميع أعضاء الكنيست بالتوصيت لصالح أو ضد القانون، فيما لا تزال إمكانية منح أعضاء الكنيست عن المعارضة، الحرية في التصويت على القانون، واردة.
وينص البند 2 (أ) من قانون المواطنة يقر بأن "كل قادم إلى إسرائيل بحسب قانون العود (1950) هو مواطن إسرائيلي من منطلق عودته". ويمنع البند 3 للقانون الفلسطينيين الذين كانوا يسكنون البلاد حتى العام 1948 أن يأخذوا جنسية إسرائيليّة أو حتى إقامة، على أساس قواعد لمنع عودة اللاجئين الفلسطينيين. وينص التعديل رقم 2 (أمر مؤقت - 2007) على منع لم شمل العائلات العربية في إسرائيل مع فلسطينيين من المناطق المحتلة ومن "دول العدو" بما في ذلك لبنان وسورية والعراق وإيران.
ويرى مسؤولون في المعارضة ومقربون من نتنياهو أن قرار الليكود بدعم القانون، قد ينهي وظيفته كمعارضة برلمانية فعالة، بحجة أن معارضة القانون هي فرصة لن تتكرر لإظهار الاختلافات بين "حكومة يمينية وحكومة وحدة".
من ناحية أخرى، يعتقد بعض كبار أعضاء الليكود أن معارضة القانون خطوة إشكالية للغاية، إذا تتنافى مع المعتقدات الأيديلوجية لليمين، الأمر الذي قد يؤدى في نهاية المطاف بتسوية أوضاع عائلات فلسطينية تعاني من القانون العنصري، الأمر الذي يتنافى مع قيم الليكود وشركائه في المعارضة.
ويرى هذا التيار في الليكود أنه طالما أن إسقاط القانون لن يطيح بالحكومة الحالية، فيجب تفضيل مصلحة الدولة. وقالت مصادر في الليكود إن نتنياهو ينوي "الاحتفاظ بجميع البطاقات قريبة من صدره (للمناورة) حتى اللحظة الأخيرة، لكن جميع الخيارات لا تزال مطروحة على الطاولة".
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن جميع التسويات التي بحثتها كتل الائتلاف للتوصل إلى صيغة توافقية حول تمديد القانون، وصلت إلى طريق مسدود، وذلك في ظل رفض وزيرة الداخلية، شاكيد، "التحلي بقيل من المرونة وإدراح بعض التسهيلات في نص القانون".
من جانبه، اقترح عضو الكنيست عن "ميرتس"، عيساوي فريج، كحل وسط بين كتل الائتلاف، تمديد القانون لمدة ستة أشهر فقط وخلال هذه الفترة تشكل لجنة لبحث تغييرات محتملة على القانون، أو حث الليكود و"الصهيونية الدينية" على دعم القانون الأصلي.
وبحسب التقديرات التي أوردتها صحيفة "يديعوت أحرونوت" لمسؤولين في الائتلاف، فإنه في نهاية المطاف سيكون من الممكن تمرير الأمر المؤقت الذي يمنع لم شمل العائلات الفلسطينية على الرغم من الصعوبات والخلافات بين مركبات الائتلاف حول هذا الشأن.
وفي هذا السياق، غرد عضو الكنيست رام بن باراك (يش عتيد)، صباح اليوم، على تويتر، قائلا: "أتوقع اليوم من أعضاء المعارضة أن يضعوا مصلحة البلاد فوق أي مصلحة سياسية ضيقة وتدعو للسخرية؛ افعلوا ما فعلناه عندما كنا في المعارضة - ادعموا القانون الذي قدمتموه. لأن أمن الدولة فوق كل شيء".
من جانبه، صرّح وزير الاستخبارات الإسرائيلي، إليعازر شتيرن، صباح اليوم، لإذاعة الجيش الإسرائيلي، إن التباين حول تمديد أمر الساعة المؤقت الذي يمنع لم شمل العائلات الفلسطينية "لن يطيح بالحكومة، لما له من أهمية في نظر جميع أعضائها. فهل هذه هي آخر عقبة سنواجهها؟ بالطبع لا".
وكانت شاكيد قد قالت في اجتماع الحكومة الذي عقد أمس، إن "قانون المواطنة سيطرح للتصويت بصيغته الحالية، الأمر المؤقت ينتهي يوم الثلاثاء وبالتالي يجب طرحه للتصويت. قادة المعارضة اطلعوا على تقدير موقف الشاباك في هذا الشأن قبل أقل من شهر وأدركوا بناءً على موقف الشاباك أن القانون يجب أن يتم تمريره. لا أعتقد أنهم سيغيرون رأيهم".
النائب سامي أبو شحادة للاتحاد الأوروبي: نطالبكم بالضغط لإلغاء قانون منع لم الشمل العنصري
توجّه النائب عن التجمّع الوطنيّ الديمقراطيّ في القائمة المشتركة، سامي أبو شحادة، برسالة إلى أعضاء برلمان الاتحاد الأوروبي وسفراء الدول الأوروبية في إسرائيل، مُطالبًا إيّاهم بـ"بذل مجهود لعرقلة تمرير ما يسمى بقانون ‘المواطنة’ العنصري، والذي ينصّ على منع لم شمل العائلات الفلسطينية والتفريق بين أفراد العائلة فقط لكونهم عربًا وفلسطينيين".
وأكد أن "القانون واحد من عشرات القوانين العنصريّة التي تسنها إسرائيل ضد المواطنين الفلسطينيين فيها وسائر الفلسطينيين على جانبي الخط الأخطر بتمييز عنصري واضح وضرب سافر لكافة مواثيق حقوق الإنسان الأساسية في العالم".
كذلك أشار النائب أبو شحادة في رسالته إلى "الاتفاقيات التجارية المنعقدة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي، والتي يقرّ أحد بنودها "القيّم المشتركة لحقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون". وتساءل: "هل فعلا هذه هي القيّم المشتركة بين الجانبين؟" في إشارة إلى "قانون منع لم الشمل العنصري والقوانين العنصريّة المختلفة التي تسنها إسرائيل ضد المواطنين الفلسطينيين على خلفية عنصريّة، وكجزء من بنيويتها العنصريّة كدولة يهودية تميل لصالح اليهود على حساب المواطنين العرب، وهم سكان البلاد الأصليين".
واضاف أنه "نبذل كل ما بوسعنا لفضح عنصريّة إسرائيل بمحاولة منا أيضًا لكبح هذه العنصريّة، وتفعيل ضغط دولي للحد من هذه الممارسات تجاه المواطنين العرب وكل ما هو فلسطيني في البلاد، لطالما كان للاتحاد الأوروبي بعض التصريحات الإيجابية، لكن هذا غير كافٍ. ونحن بحاجة الى خطوات عملية، وهذا ما طالبت به في رسالتي إلى السفارات الأوروبية وأعضاء البرلمان الأوروبي".
وختم أبو شحادة بالقول إن "إسرائيل تبدع في القوانين العنصريّة التي تستهدف الوجود العربي في البلاد، ولا بديل أمامنا إلّا النضال في كافة الميادين، فبالإضافة للحراك الشعبي الذي كان على الأرض وتظاهرات الأهالي والضغط البرلماني الذي نقوم به نحاول أن نعزز كل ذلك برفع هذه القضية على المستوى الدولي، لتعزيز هذا الحراك والنضال ضد قانون منع لم الشمل العنصري وكافة القوانين العنصريّة الأخرى".
[email protected]