يعرف معظم الناس أن التدخين يسبب السرطان وأن هناك أضرار لتناول الكحوليات وحمامات الشمس. لكنهم يستمرون في فعل ذلك. فما التفسير العلمي وراء قيامنا ببعض الأمور مع علمنا التام أنها قد تدمر صحتنا؟
تؤكد الإحصائيات أن نصف حالات السرطان يمكن تجنبها إذا اتبعنا نمط حياة صحي، مثل الامتناع عن التدخين والكحوليات وتجنب التعرض لأشعة الشمس بهدف الحصول على لون بشرة برونزي. لكن بالرغم من ذلك، فإن نسب المدخنين ومتعاطي الكحوليات في تزايد. كما أن مراكز حمامات الشمس باستخدام الأشعة فوق البنفسجية الصناعية مازالت تجد الكثير من الزبائن. فما السبب؟
يرجع علم النفس الأمر إلى أن الخبرات الحياتية هي من تقوم بتوجيه الإنسان بشكل أكبر من العقل. وتقول فرانسيسكا جايزر، مديرة مستشفى الطب النفسي في المستشفى الجامعي بمدينة بون الألمانية إن الإنسان يستمع دوماً إلى ذاكرته الشعورية التي يخزن فيها المشاعر الإيجابية والسلبية.
وتوضح جايزر أن طبيعة الإنسان تميل إلى تخزين الخبرات الجيدة والسيئة التي ترجع إليها وقت الحاجة وليس إلى تقرير طبي يتحدث عن مخاطر السرطان، على سبيل المثال. كما أن الكثير من العادات السيئة في الحياة نابعة من الاعتياد أو تقليد الآخرين. فالإنسان، على سبيل المثال، غالباً ما يتبع طريقة التغذية التي تربى عليها في منزل عائلته، كما يوضح إليو ريبوليو، الباحث في الأورام السرطانية في كلية "إمبريال كوليدج" بلندن.
وغالباً ما يبدأ أبناء المدخنين في التدخين كنوع من التقليد للأب والأم وليس لأنهم يحبون مذاق السجائر، بل إنهم يتحملون مذاقها السيء من أجل تجربة ما يقوم به الآخرون، لاسيما في المحيط القريب منهم. أما بالنسبة لحمامات الشمس بهدف الحصول على بشرة برونزية، وتحديداً في دول أوروبا، فإن المجتمع هو من يدفع الناس أحياناً للقيام بهذا الأمر، كما تقول الطبيبة جيسيكا هازل، المتخصصة في مركز السرطان بمدينة هايدلبرغ الألمانية.
وتضيف هازل: "يعرف معظم الناس ضرر حمامات الشمس ولكنهم يقبلون عليها خاصة بعد العودة من العطلات لأن لون البشرة الداكن يثبت للمحيطين بالشخص أنه كان في عطلة بدلاً من الاستماع إلى العبارة الشهيرة: هل كنت في عطلة حقاً؟ لا يبدو عليك ذلك مطلقا!"
ويحاول الإنسان الذي يقوم بأشياء تؤذي صحته ويدرك ذلك أن يجد أمثلة تساعده على التخلص من الصراع الداخلي، كأن ينظر مثلاً إلى شخصيات شهيرة تدخن ومع ذلك عاشت لفترة طويلة. وقد تجد أحد المدخنين يقول: "تشرشل كان يدخن ولا يمارس الرياضة ومع ذلك عاش طويلاً".
[email protected]