يطفئ الموت ما تضيء به الحياة، تموت الكلمات، تنتحر الحروف، تدمع السطور، تتمرّد الذاكرة ولا أحد يمكنه سماع ساعة الرحيل. تمرّ الأيام وتنطوي السنين، ندخل معترك الحياة الشائكة والفانية التي نبدأها بخطوة غير واثقة في صغرنا.
ما أقسى القدر وما أسخى وأسخن الدموع التي تنهمر على الوجنتين بلا انقطاع، وما أصعب لوعة وحرقة الفراق وخاصّة عندما نتكلّم عن طفل بريء، بالأمس القريب بدأ خطواته الأولى يلحق بألعابه المبعثرة ويجمعها بأنامله الورديّة ليضعها في زاويته الخاصّة، ينتقي بعضها ليلعب بها قليلًا ثمّ يستبدلها بأخرى ويشعر وكأنه ملك العالم.
لم تمرّ أيام قليلة على الحادثة المأساوية الأخيرة من سلسلة الحوادث المؤسفة التي اجتاحت مدينتي شفاعمرو والتي زعزعت أمن وأمان أهلها وأقلقتهم، والتي راح ضحيّتها الشاب سعيد حجيرات الذي قتل نتيجة إطلاق عيارات ناريّة حيّة أسكتت خفقات قلبه وحطّمت آماله وأحلامه وجعلت والدته تبكي وتصرخ تتكلّم بأنفاس مقطوعة، تكرّر كلمة "قتلوك، قتلوك، حرقوا قلبي وحطّموا معنويّاتي الويل، الويل لهم".
نعود ونتفاجأ بمصرع الطفل أيهم بشكار ابن السنة والنصف الذي توفي متأثِّرًا بجراحه، إذ لم تنجح الطواقم الطبيّة في مستشفى رمبام في إنقاذه نتيجة حادثة تراجيديّة عندما تمّ دهسه من قبل سائق أثناء رجوع سيّارته إلى الخلف دون أن ينتبه لوجوده أو يسمع ضحكته البريئة وصوته الملائكيّ.
صورة براءة وجهك يا أيهم، ابن الأسرة الشفاعمريّة، لن تغيب عن بال والدتك وأهل بلدتك وستظلّ عالقة في ذاكرتهم، يترقبون خطواتك وكلماتك المبهمة ومناداتك لأمِّك، وستظل زاوية ألعابك محفوظة أبد الدهر في القلب وفي أرجاء بيتك وفراشك وملابسك.
[email protected]