نتداول العديد من المواضيع في كثير من الحالات بميزان الربح والخسارة , فعلى سبيل المثال لو وضعنا حالة المجتمع الفلسطيني في الداخل منذ عام 1948 في هذا الميزان وتحديداً بما يخص مسألة التواجد العربي في الكنيست فإن يقيني ويقين الأغلبية من أبناء شعبنا أنه يضع المسألة المذكورة في الميزان السلبي وفي ميزان الخسارة ، أولاً لأن مشروع الكنيست أو كما يحلو للبعض تسميته بالبرلمان إنما هو أحد الأعمدة الرئيسية للمشروع الصهيوني , وثانياً لأن المشاركين في الكنيست لم يتعودوا لغاية الآن على احترام عقول الناخبين بالخروج بمشروع واضح المعالم لخدمة المجتمع العربي.
ولي أن أسأل سؤالاً صعباً ولغيري الحق في ذلك ، ما مدى مساهمة المشاركين من بيننا في انتخابات الكنيست في تثبيت المشروع الصهيوني الذي وُجد أصلاً من أجل إنهاء وجودنا على أرضنا وسلبنا حقوقنا ومحو هويتنا ؟؟!!
أعضاء الكنيست العرب يقسمون يمين الولاء والطاعة لدولة إسرائيل على يهوديتها والمحافظة على ما جاء في وثيقة الإستقلال التي سلبتنا حقنا على أرضنا، ولكن الأجدى هو يمين الولاء والطاعة لثوابتنا والولاء للهوية والمحافظة عليها، فالولاء المتناقض لا يمكن أن يخدم مجتمعنا وجاء فقط لتدجيننا.
هل حقيقة ربحنا؟؟
لا بل خسرنا الكثير وما زلنا نخسر لأنه بعد أكثر من سبعين عاماً على نكبة شعبنا لم نلمس ولم نر إلا المزيد من التراجع على أهم المستويات منها الثابت الوطني والأمن المجتمعي.
المؤيدون للمشاركة يدعون أن مشاركتهم في "العملية الديمقراطية" إنما جاءت لتحافظ على مصلحة الأقلية , عن أي حفاظ يتحدثون ومجتمعنا ما زال يعاني كل يوم بل كل ساعة استمرار هدم المنازل ومصادرة الأراضي , سُنّت عشرات القوانين العنصرية لتجريدنا من حقوقنا التي أصبحنا نستجديها على موائد اللئام وما قانون القومية منا ببعيد, التمييز في الميزانيات وتحجيم فرص العمل , التضييق علينا مجتمعياً وسياسياً وديموغرافياً , تكميم الأفواه وقمع الحريات, وهذا غيض من فيض، فبالله عليكم عن أي مصلحة يتحدثون؟؟ فعلى مدار التاريخ "الحافل" في دهاليز الكنيست لم ينجح أي عضو عربي بسن أي قانون جوهري يخدم الثوابت, رغم أن أعضاء الكنيست العرب يحتلون أعلى المراتب في مقدمة المستجوبين على طاولة الكنيست لكن استجواباتهم لم ولن تغني وتسمن من جوع ولم تقدم المجتمع العربي قيد أنملة في قضاياه الجوهرية والمصيرية وهي كثيرة.
كفى تجميلاً وتلميعاً للديمقراطية الإسرائيلية الكاذبة، إسمعوا ما قاله شمعون بيرس في مؤتمر دافوس الذي انسحب منه الرئيس أردوغان على أثر الحرب على غزة :" نحن دولة ديمقراطية وأكبر دليل وجود أعضاء عرب في الكنيست، بل ويشتمونني شخصياً " , أليس هذا عار في حقنا أن يشهد مثل هؤلاء وهم من أركان المشروع الصهيوني على خنوعنا " والضحك علينا"؟
البديل الحقيقي هو انتخاب وتفعيل وتقوية لجنة المتابعة حيث هناك الساحة والميدان الحقيقيان لتثبيت حقنا وخدمة أهلنا ولا ننسى أن التاريخ لا يسكت قلمه وسيسجل في صفحاته من حافظ ومن فرّط. إن أخذ زمام المبادرة الآن وعدم المشاركة في" مشروع الكنيست" سيمكن حقيقة من بناء برنامج عملي وبرنامج مقاومة سلمي مجتمعي يستمد شرعتيه فقط من أهلنا دونما أي تأثير من سموم المشروع الصهيوني , عندها فقط سنكون الى حد ما رابحين
[email protected]