مع حلول عيد الميلاد والسنة الجديدة بأجوائها المميزة، وأجراس الكنائس تقرع والصلاة تنطلق من مآذن المساجد لتعانق بعضها البعض وتبشر منطقتنا العزيزة والغالية على قلوبنا جميعا، وفي ظل التوتر والأوضاع الصعبة التي تشهدها الحلبة السياسية المحلية والعالمية التي تمر بأزمات وتحديات عديدة، وكي يبرهن الرئيس الأمريكي المزاجي ترامب أنه نفذ وعده للناخب الأمريكي، وهو الأمر الذي لم يستطع غيره من الرؤساء فعله، أعلن هذا الأسبوع وبصورة متوقعة وبكلمة مباشرة إلى العالم، كلمة مليئة بالتناقضات، عن اعتراف بلاده بمدينة القدس التاريخية رمز السلام والمحبة والإنسانية جمعاء، عاصمة لدولة إسرائيل ورغبته في نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.
هذا القرار غير الحكيم في ظل هذه الظروف الراهنة المتردية والمقلقة، وصف بأنه قرار لا يخدم القضية الفلسطينية والاستقرار في الشرق الأوسط، وأنه لا يلزم الفلسطينيين، له أبعاد سلبية أكثر منها إيجابية، وله انعكاساته وأبعاده على مختلف المرافق وميادين الحياة المختلفة، معناه عمليًّا إجهاض عملية السلام، وقد يدفع ويجر المنطقة إلى حرب دينية وانتفاضة فكرية ثقافية اجتماعية أدبية إعلامية ومن شأنه أن يوصلنا إلى طريق محدود امام إمكانية تحريك وتقدم العملية السلمية، وإثارة مشاعر اليأس في صفوف الشعب الفلسطيني، الامر الذي يعقد القضية ويزيد من أعمال العنف والإرهاب وانتشار الفوضى.
المحللون السياسيون والعديد من قادة الدول يعتقدون أن هذا القرار يتعارض مع القانون الدولي وقرار الأمم المتحدة وقد أثار هذا التصريح موجة عارمة من ردود الفعل الدولية والمحلية التي احتلّت صدارة وسائل الإعلام المرئية المكتوبة والمسموعة ومواقع التواصل الذين اجمعوا على عدم قبولهم ودعمهم لهذا الموقف مؤكدين أن وضع القدس خاص وحساس ولا يمكن التفاوض بشأنه إلا في إطار وجود حل جذري، وهو دولتان للشعبين الفلسطيني والإسرائيليّ، ملمحين أنهم لم ولن يقفوا متفرجين وسيعملون كل ما بجهدهم وبكافة الوسائل المتاحة لمنع تنفيذ هذا القرار والتصدّي له؛ خوفا من عواقبه، على نقيض عدد من الدول العربية وقادتها التي لم تتخذ موقفا واضحا صريحا، أمّا همها وشغلها الشاغل فبقي المحافظة على الكرسي!!
في ظل هذا الوضع والموقف على الفلسطينيين المحافظة على الوحدة وبناء إستراتيجية وخطة عمل مدروسة وتجنيد كافة فصائلها واللجوء إلى الحوار ومواجهة الوضع الجديد بالطرق السلمية والحضارية، من خلال التشاور والتعاون مع محبي السلام، فالتاريخ أثبت أنه لن تموت قضية أو حق وراءه مطالب.
زاوية رماح تتضرع وتصلي وتتمنى أن تزول هذه السحابة السوداء المتلبدة في ربوع محيطنا وعدم الانجرار وراء العواطف، وتتطلّع لإلهام القادة تحكيم الضمير والتعمق والتروي ومعالجة هذه القضية والوضع الراهن بعقلانيّة ومسؤولية، فنحن في غنى عن المزيد من مشاهد العنف وإراقة الدماء وأعمال الشغب والإرهاب لعل وعسى أن يبزغ فجر جديد يبشر بغد ملؤه الأمل والاستقرار وتحقيق العدالة.
[email protected]