لا يتفق كثيرون على أنَّ الرجل في مجتمعنا سخي بقدر المرأة. وعلى الرغم من الاختلافات الثقافيَّة داخل المجتمع الواحد، دائماً ما يكون السخاء نقطة تلاقٍ بين الأحبة أو بين طرفين يشعر أحدهما بالامتنان للآخر في موقف ما.
ولكن يبقى السؤال: مَن أكثر سخاء: المرأة أم الرجل؟ وفي هذا التحقيق التقينا عدداً من الرجال والنساء والمتخصصين؛ لنتعرف إلى رؤيتهم للإجابة عن هذا السؤال.
«لولا النساء لقفلت الأسواق»، بهذه العبارة السائدة بدأت الإعلاميَّة إيناس أحمد حديثها قائلة: اسألوا شركات الاتصال عن فواتير الرجال، وما يفعله ذكاء المرأة بهم. وترى أن الرجال أكثر سخاء مادياً، بعكس المرأة التي يكون سخاؤها معنوياً، من حيث المشاعر والعاطفة، وللأسف كل طرف ينتظر تبادل المعاملة نفسها من الطرف الآخر، وبالأخير لكل قاعدة شواذ «والكل يأخذ على رأسه».
لا مقارنة
يستنكر الكاتب والباحث محمد الأحمر عقد مقارنة بأيهما أكثر. أمر صعب جداً، فقد أثبتت الدراسات الجديدة أنَّه لا فرق بين دماغ المرأة والرجل، وأنَّ مقدار السخاء مرتبط بتعرض الفرد، أنثى أو رجل، إلى بعض العوامل التي تحفزه على السخاء. لافتاً إلى وجود نماذج كثيرة لذلك، ويضيف: لا يمكن مقارنة سخائهما؛ نظراً لما يحدث في حياة الإنسان التي قد تدفعه للسخاء وعدمه.
من ناحية أخرى ترى الإعلاميَّة أمجاد الدوسري، أنَّ مجتمعنا كخليجيين مساوٍ بعض الشيء بين الرجل والمرأة، حيث إنَّه يرتكز، على حسب طبيعة الشخص ومدى تعاطينا معه، فالسخاء عند المرأة، خاصة كعاطفة نجدها تعطي أكثر مما تملكه؛ لأنَّها تحكم بقلبها، وليس دوماً، فلكل قاعدة شواذ، ولا ننسى الرجل لطالما يكون سخياً، بحسب قيمة الشخص الذي أمامه من جهة الجاذبيَّة».
لا حد له
في المقابل لا يرى الكاتب منيس القحطاني حداً معيناً للكرم، فقد تجد المرأة أكرم من الرجل، وقد تجد الرجل أكرم من المرأة، ويستكمل قائلاً: هناك نقطة خلاف كبيرة تجعل المرأة أكرم من الرجل من ناحية العاطفة؛ لتحكمها بها أينما تكون، فمتى وجدت ضالتها حينها ستكون أكرم الأكرمين، بينما الرجل في المقابل كريم، لكن بوجهة نظري ليس أفضل من المرأة.
مفاهيم
بينما ترى الإعلامية حصة المولد أنَّ السخاء والعطاء مفاهيم غير مقتصرة على المال فقط، وذلك لأنَّها تشمل العديد من الأمور والسلوكيات البشرية التي يقوم بها الشخص تجاه الآخرين، وتلاحظ المولد: أن مجتمعنا ربط هذين المفهومين بالمال فقط، وبالتالي قننت فرص ظهور سخاء الآخرين وعطائهم، فيما أنها تعتقد أن السخاء والعطاء صفة ليست موجودة لدى كثير من الأشخاص، سواء أكان الشخص رجلاً أم امرأة، لكن بشكل عام أظن أن المرأة تتفوق على الرجل من ناحية السخاء والعطاء في المحيط العائلي.
إشباع عاطفي
«الرجل والمرأة كلاهما سخيّ، فهما يتفقان في السخاء الموقفي» بهذا بدأ مستشار العلاقات الإنسانية والعلاج بتحقيق الذات، الأستاذ الحسين السيد، الذي يتفق مع أن المرأة أكثر سخاء من الرجل، على اعتبار أنَّ السخاء لا يرتبط بالمال فقط، وإنما مفهومه أوسع وأشمل، فالمرأة سخية بعطائها اللامحدود، سخية بعاطفتها، سخية بوقتها، سخية بصحتها، سخية بما تملك، سخية لما حباها الله به من مميزات. ويتابع: أما السخاء المادي، ففي الحقيقة بدأت المرأة تراجع حساباتها كثيراً في ذلك، خاصة المتزوجات منهن واللاتي تعثرت حياتهن الزوجية، أو اصطدمن بواقع مخالف لما كن يحلمن به ويؤملنه. أما اللاتي لم يتزوجن بعد، فهن من نجدهنَّ سخيات معطاءات، فإن تزوجت المرأة ووجدت شريكاً يتفهم طبيعتها وتركيبتها ازدادت سخاء وعطاء وكرماً،
منبهاً إلى أنه يجب أن يكون السخاء العاطفي للمرأة متزناً، سخاء بحكمة؛ لأنَّ العاطفة سهم إذا انطلق فلن يعود، ولأن العاطفة إذا اتقدت وفارت المشاعر، وانزوى العقل، وتسلمت العاطفة قمرة القيادة كانت المرأة هي الخاسر الأول.
تحيز
من جهة أخرى لا يتفق أحمد العمري على أنَّ المرأة سخية وتحيز إلى الرجل قائلاً: المرأة لا تسرف أبداً إذا كان المال من ناتج عملها، لكنَّها لا تمتنع أبداً عن مساعدة الزوج بمنتهى الشهامة. ويضيف: تسعى إلى صرف ماله، لذا لو تأملت ملابس المرأة فأنت تجدها بلا جيوب، فهي لا تحمل مالاً؛ لأنَّها لا تحب الإنفاق من مالها ما دام بجانبها رجل. لافتاً إلى أن الحقيقة التي لا تقبل الجدال أن المرأة سخية فعلاً، ما دامت تنفق من جيب الرجل.
محبة
في المقابل يقف عبدالله فلاتة في صف المرأة، ويعدّها أكثر سخاء وكرماً من الرجل. قائلاً: المرأة تتعامل بعاطفتها بحكم أنَّها عاطفية أكثر من الرجل، وأن ما تقوم به نابع من المحبة، والمحبة نابعة من القلب. ويرى أن السخاء مسألة تقدير واهتمام، ولو كانت هناك علاقة محبة بين الرجل والمرأة فسيكون كل منهما أكثر سخاء مع الآخر.
الرأي الاجتماعي
الاختصاصية الاجتماعية، ريهام جعفر صبيحة، أوضحت أنَّ السخاء هو العطاء من دون توقع أي مقابل، وتتابع قائلة: ويتضمن السخاء أنواعاً متعددة، فهو يندرج فيه الوقت، والمال، والمواهب، التي يمتلكها الفرد وتسهم في تحقيق مساعدة الآخرين التي تضم التطوع، والتوجيه، والإرشاد، والنصيحة، والسخاء بالعلم وتعليم الآخرين. وهنالك اختلاف في مفهوم السخاء وطبيعته من شخص لآخر من الجنسين «الذكر والأنثى»، فالبعض ينظر إليه بأنه من الأخلاقيات الإسلامية التي يجب أن يتميز بها، وهو واجب على الفرد المسلم.
وحينما تُجرى عملية مقارنة في تقديم السخاء لدى الجنسين نجده متفاوتاً بحسب طبيعة الشخصية ومدى مفهوم السخاء لديها، فالمرأة يكمن سخاؤها في العاطفة الجياشة في السنوات الأولى من حياتها في الزواج، وتتدرج في عاطفتها للأبناء والوالدين، وسخية من الناحية المالية، وأيضاً في الأناقة وما يتعلق بالإتيكيت في المناسبات المتنوعة، خصوصاً في الضيافة ومناسبات الاستقبال.
بينما الرجل يختلف في مفهوم السخاء؛ لأنَّه يندرج في وقته وجهده لعمله، وتفكيره في مستقبل أبنائه، بينما يقل السخاء لديه من الناحية المالية، إلا على زوجته وأبنائه؛ لأنهم هم الأولى.
[email protected]