يوم أمس ولّى، وغداً لا نملُك ضماناً على مجيئه، رغم علمنا اليقين أنّنا نعلم بعد فوات الأوان، أنّ قيمة الحياة في أن نحياها كُلَّ يومٍ وكُلَّ ساعة، وأنّ الحياة مجرد شمعة محدودة، لا بُدّ أن تُطفأ يوماً والأمل كلمة تتلاشى، لكن لا تنعدم، والإيمان قلم فيّاض يكتب ليس فقط في أوقات الشدّة، والإخلاصْ كنزٌ يبحثْ عنهُ الإنسان داخلهُ، القيمْ والمبادئ قد تكون ثابتة راسخة لا تتغيّر بسهولة، لكن الوسائل والأساليب يجب أن تتغيّر وِفقاً للوضع والحالة القائمة وما يُستجد من تطورات وأحداث على مسْرح الحياة، في هذا الزّمن العصيب المُعقد الذي سيْطَرت عليهِ غَريزة الشّر، السلبيّة، الخِداع، الأنانيّة، المَظاهِر، الحِقد والكَراهيّة. إذ لمْ يَعُد لِلأحرار الشُرفاء وأصحابْ الضّمَائِر مكان، وباتَ عملُ الخيرِ، التَضْحيّة، وقولُ كلِمَةَ الحقْ مهدداً، أو في عِدادِ المَفْقودين!
إنَّ طَبيعَةِ الإنسانَ أنْ تَحْكُمَه الرغْبة وليسَ الحاجة، فَلا تَدع الحاجة تَتحكّم بِكَ، ولا تعْمَل جاهِداً ليَكونَ مظْهرك أثّمن وأغلى ما تملُك ومصبّ كلَّ اهتمامك، لِأنه عنْدَها قدْ تجد نفسك مُعْلَنَةً في المزاد العلنيّ، وأسْهمك آخذة بتَدهور قيمتها، لا ولا تسْخر من جروحٍ وهمومَ الآخرين، لأنك لا بُد أن تذوقَ يوماً طعْمَ الألم والمُعاناة.
ليَكُن معلوماً لديك أن لا شيء يبقى على حاله، فكمْ بنى الأثرياء والمُلوك قُصوراً، ولمْ تبقَ الملوك والقصور! فأينما كُنتَ وحيْثما وُجدتَ يدْركُكَ الموت، فلا تجْعل عبيرَ الدّنيا يلهيكَ عنِ التضْحية، الإخْلاص، التَواضُع وطاعة الله.
لا ولا تُفكر في المفقود، حتّى لا تفقِد المَوجود، وابْتعد عن فئةِ الأقْوِياء لأن قُوَتهم لا بُدّ أن تَزول عاجلاً أم آجلاً.
كُن شمعة صغيرة خيرٌ من أن تهدر حياتك تلّعن الظلام، وأحتضن أخاك الإنسان بين ذِراعيْك كما تحضُن أزهار حديقتك التي تتمتع برحيقها، واهدِهِ وردَةً واحِدَةً، وهوَ على قيْد الحياة، أفضَلْ من أن تضع إكْليلاً على قَبْره.
لا ولا تنْكُر الجميل، واعمل جاهِداً لتجعل الناسَ سُعداءْ، فتتضاعف سعادتك. ولا تزرع الأسى في قلوبهم فتزداد سيئاتك.
رماح تنصحك ألّا تدع أحداً يرسم خرائط حياتك، فهناك من لا يفهم معنى الحدود، وليكُن شِعارك وصيّة الله سبحانهُ وتعالى الّتي ورَدَت في القرآن الكريم:
{ وقولوا للناس حسنا ً} .
[email protected]