أصيب فرانسوا الأسمر برصاصة في ذراعه وسقط خلف إحدى الموائد فما كان منه إلا أن تظاهر بالموت، بينما كان المسلح يتنقل في أرجاء المطعم في اسطنبول ويطلق النار على المصابين الراقدين على الأرض.
كان الأسمر، اللبناني الجنسية الذي درس الإذاعة والتلفزيون، زائرا في اسطنبول للاستمتاع بما اشتهرت به المدينة في الشرق الأوسط من تنوع وتسامح شأنه في ذلك شأن الغالبية من بين 39 قتيلا سقطوا في حفل العام الجديد، في المطعم الراقي، ملتقى الأثرياء من الأتراك والزائرين الأجانب.
وقال الأسمر وهو راقد على سريره في المستشفى يصف بداية الهجوم، إنه طلق (أطلق) رصاصة .. رصاصة من فرد.. فقالوا إنه ممكن هيدا حدا.. أنا قلت بيكون حدا معصب كذا سكر أو شي ضرب رصاصة بفرده.. بعد شوي كام ثانية صوت رشاش.
وأضاف أنا كنت مخبي يعني ورا طاولة.. قرفصت.. خبيت ورا الطاولة كان باين يمكن كتفي أو شي.. هو عم بيرشنا ع الأرض.. يعني مش عم بيرش هيك بالهوا.. لأ إحنا نايمين على الأرض وهو عم بيرشنا.. أنا لو كنت مادد جسمي ع الأرض كان رشني كل جسمي.. فأنا كنت مقرفص.. دغري انصبت يعني ما طولت.. لما انصبت نمت يعني بس مش كتير.. عملت حالي ميت.
كان المسلح، الذي لم يسقط في قبضة السلطات حتى الآن، قد أطلق النار على ضابط شرطة ومدني فأرداهما قتيلين عند مدخل المطعم قبل أن يدلف إلى داخله ويفتح النار عشوائيا على رواده. وقال شهود أنه صاح الله أكبر. وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الهجوم.
وقال يونس ترك، المواطن الفرنسي من أصل تركي، إنه بمجرد دخوله المطعم بدأ يطلق النار ولم يتوقف. ظل يطلق النار بلا توقف لمدة 20 دقيقة على الأقل.
وأضاف أنه اعتقدنا أنه أكثر من واحد لأنه لم يتوقف. وحدث شيء كالانفجار أيضا فقد ألقى بعض المتفجرات.
وجاء في تقرير لخبراء الطب الشرعي، نقلت بعضه صحيفة ميلييت، أن بعض الضحايا أصيبوا بالرصاص من مسافة قريبة جدا.
وقال محمد إيلان (36 عاما)، الذي يعمل نادلا بالمطعم منذ 12 عاما، إن المهاجم تعمد استهداف أكثر المناطق ازدحاما في المطعم الواقع على شاطئ البوسفور في حي أورتاكوي الذي تنتشر فيه المقاهي والمطاعم.
وقال إيلان إنه اقتحم المكان واتجه على الفور إلى الناس في الناحية اليسرى الأكثر ازدحاما في العادة ... هل يا ترى جاء إلى هنا من قبل؟ لأنه بدا وكأنه يعرف أين يتجه. وأضاف أن رئيسه في العمل صرخ في الناس طالبا منهم الهرب.
وتابع أنه كان يطلق النار عشوائيا لكنه يوجهها نحو النصف العلوي من أجسادهم. لم يكن يريد مجرد إصابتهم.
وهرب إيلان إلى غرفة خلفية مع خمسة من الزبائن واثنين من العاملين في البار، ثم نزل إلى شرفة تطل على مياه البوسفور. ورغم البرودة الشديدة والطقس الثلجي قفز بعض الناس في الماء للهرب من نيران المسلح.
وقال إيلان إنه ظل يطلق النار بلا توقف. وناديت أنا على قاربنا الذي ينقل الزبائن لكنه ظل يطلق النار في اتجاه البحر أيضا. ولم يستطع الزورق الاقتراب.
كان ليتو جرمان (47 عاما)، الفلبيني الذي يعيش في السعودية ويعمل في مجال التسويق، يزور اسطنبول للمرة الأولى مع زوجته وابنته وكان يقترب من النادي عندما وقع الهجوم.
المشتبه بتنفيذ الهجوم
قال جرمان إنه كنا على مسافة 100 متر تقريبا وبدأنا نرى الناس تهرب في اتجاهنا. كان أغلبهم يرتدون ثيابا فاخرة رغم أن كثيرين كانوا حفاة وتبدو عليهم مظاهر الصدمة والرعب.
وأضاف كنا في الواقع ننوي الذهاب إلى مطعم آخر لكننا لم نكن نريد مكانا كبيرا بسبب المشاكل الأمنية وعثرنا على رينا بالبحث على جوجل عن أفضل مطعم في اسطنبول. اعتقدنا أن الأغلى سيكون الأفضل من الناحية الأمنية.
وقال إن سيارات مدرعة تابعة للشرطة أسرعت إلى المكان بينما كانت أعداد أكبر من الناس تتدفق خارجة من المطعم.
وكان من بين القتلى أبيس ريزفي (49 عاما)، المنتج السينمائي الهندي، الذي كان يعمل في إنتاج فيلمه الثاني ومصممة أزياء في العشرينات من العمر اسمها خوشي شاه وكلاهما من مومباي.
وقال صاحب المطعم، محمد كوجرسلان، إن الشرطة اتخذت إجراءات أمنية استثنائية قبل العام الجديد في المناطق المطلة على شاطئ البوسفور في حي أورتاكوي.
وكانت السفارة الأميركية حذرت من احتمال وقوع هجمات على المناطق التي يتردد عليها الأجانب لكن كوجرسلان قال إنه لم يكن هناك تهديد محدد موجه لمطعم بصفة خاصة وإن الكثير من التحذيرات كانت عامة تشمل البلاد كلها.
وقال حقيقي أنا لا أعرف كيف تمكن هذا العفريت - ولا استطيع حتى أن أصفه بالإرهابي - من الوصول إلى هنا رغم كل الاستخبارات والإجراءات الأمنية الاستثنائية.
وتشابه هذا الهجوم مع الهجوم الذي شنه إرهابيو داعش على قاعة باتاكلان للحفلات الموسيقية في باريس في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 في إطار سلسلة من الهجمات سقط فيها 130 قتيلا.
وقال ترك الزائر من فرنسا إنه عندما يعقدون العزم فلا يمكن عمل شيء... وهذا لا يعني أنني لن آتي مرة أخرى. فتركيا واسطنبول بالنسبة لي من ألطف المدن في العالم وسآتي مرات ومرات.
المشتبه بهجوم اسطنبول
[email protected]