موقع الحمرا الجمعة 23/05/2025 08:06
القائمة
  • أخبار محلية
    • الرامة
    • المغار
    • عيلبون
    • دير حنا
    • سخنين
    • عرابة
  • اخبار عالمية
  • رياضة
    • رياضة محلية
    • رياضة عالمية
  • تقارير خاصة
  • اقتصاد
  • مقالات
  • مطبخ
  • صحة وطب
  • مجلة الحمرا
  • جمال وازياء
  • تكنولوجيا
  • فن
  • ستوديو انتخابات 2022
أحدث الأخبار
  1. الرئيسية/
  2. مقالات وخواطر/
  3. جواد بولس/
  4. اختلال! ماذا يعني احتلال؟/

اختلال! ماذا يعني احتلال؟

جواد بولس
نشر بـ 05/06/2014 14:10

أعود من عملي في رام الله. الساعة الثانية ظهرًا. درجات الحرارة فوق معدّلها السنوي المعتاد في حزيران. حاجز قلنديا العسكري يشبه مسرحًا من مسارح العبث واللامعقول. تتزاحم على مساراته سيّارات العرب وباصاتهم. بجانبها تقتحم ديناصورات العصر، والعابثون بحرمة الإنسان وبحدود الصبر؛ شاحنات ضخمة تنقل من وإلى فلسطين التراب والحصى والحديد ليزدهر "العمران"، وتشرئب ناطحات الفوضى والندم، وليذهب التطبيع إلى جهنم.

الراجلون يهرولون في حركات روبوتيّة إلى شرايينهم المنسدّة، ويقفون في طوابير تشبه القنوات التي تقف فيها الثيران الهائجة قبل محاولة ترويضها في سباقات "الروديو" الشهيرة. 

أندسُّ كسلحفاة وسيّارة تحاول الالتفاف عليّ من جهة اليسار، سائقها شاب يلبس تي شيرت عليه صورة لنجمة يعرفها ولا أعرفها، وقبعة كان لونها أبيض، وفي مقدّمتها شعار غاب تحت مخلّفات الزمن، يضع يده على الشباك وبين أصابعها يشد على سيجارة، ساقه مرفوعة وكأنه يسوق برجل واحدة، يسمع أغنية بالعبرية لم أفهم كلامها، فلقد كانت أقرب إلى الصراخ. أصفّر له منبّهًا، لأنه كاد أن يلتصق بجناح سيّارتي، فيمد رأسه من الشباك ويصرخ باتجاهي: "شومااالك روح اقبع.." ويغيب أمامي وينطلق.

من اليمين، يحاشر جيب تسوقه سيّدة،  صارت مثل جميع البشر، تدافش بعناد. أنظر نحوها، فأرى وجهًا جميلًا ممكيجًا بعناية، وشعرًا ملمومًا تحت منديل لم أحدد ماركته العالمية. على رسغها ساعة فضّية، ويتحلّق إصبعها خاتم بلون البنفسج، حاولت أن أوقفها، فرفعت كفّها وحرّكته إلى فوق مسافة شبر وأنزلته بخفّة راقصة، ففهمت أنها قالت لي: انصرف.

لم أنزعج أكثر من العادة، فقلنديا مثله مثل جميع الحواجز، صار ميدان ترويض. إنه الكولوسيوم العصري؛ بشر، مصارعون، (مجالدون)، يصارعون بشرًا أو وحوشًا، والبقاء فيه للأقوى وقيصر يتفرّج، يستمتع، ويمضي.

 بهدوء اصطففت وبدأت زحفي نحو الحاجز. في إحدى محطات الإذاعة الإسرائيلية يعلن المذيع: الخامس من حزيران، اليوم يبث برنامج خاص، عن حزيران والذكرى، فهل  كان ذاك نصرًا كما أراده أصحاب الكهف واسرائيل الكبرى؟ أم سكرة وحفرة كما حذّرت قلّة، تقدّمها الراحل الفيلسوف يشعياهو لايبوفيتش. قالها المذيع وأعادني إلى حزيراني الجميل الشاب وتذكّرت.

رفعتُ سمّاعة الهاتف ورددت التحيّة باقتضاب. كان الصوت مألوفًا وطلب أن يتحدّث مع "السيّدة الياس" وقال: أنا يشعياهو لايبوفيتش. انتابني شعور من فضول وسعادة خفيفة. كنت وجمال، شريكي في المسكن في تلك السنوات، نستأجر بيتًا في شارع "شيلر" في القدس الغربية. وكانت "السيّدة إلياس" صديقتي التي صارت بعد مدّة شريكة حياتي.

كانت دارنا في الطابق الثالث، عرضها يكفي لشهيق كامل في الصباح، صغيرة تكفي لإيواء أحلامنا، وتلائم معيشة طالبين يعتمدان على مصادر إمداد شحيحة وغير رتيبة. الهاتف يتوسط مساحة صغيرة غير مؤثثة، تنتظر أن تصير صالونًا، يفضي مباشرةً لغرفتي نوم عاريتين. أخذت السمّاعة وعلى وجهها علامات قلق. لم أبتعد، فلقد سمعتها تشرح باقتضاب، حتى أضافت أنها طلبت مساعدة صديقها على إعداد الوظيفة التي بصددها اتصل "لايبوفيتش" مستفسرًا ومستزيدًا من إعجاب وتقدير. 

عرّفته بنفسي وذكّرته بآخر ندوة قمت، من خلال نشاطي في اتحاد الطلاب العرب، بعرافتها وتقديمه خطيبًا رئيسيًا. يوم هاجمها الطلاب اليمينيون العنصريون هناك على جبل المشارف "سكوبس".
كانت الندوة في ذكرى حرب حزيران واحتلال إسرائيل لأراضي العرب. وكان لايبوفيتش أحد المدعوّين البارزين والخطباء الأساسيين في نشاطاتنا ضد الاحتلال وممارساته.

استعدنا كيف حاول أوباش اليمين أن يقاطعوا كلامه يوم كان يصرخ بنبرته المميزة: "لا أمن بلا سلام ولا سلام مع احتلال، فأعيدوا أيّها المحتلون، جميع الأراضي العربية المحتلة دون قيد أو شرط"!
 ثم انتقل ليسألني عن تلك الوظيفة التي فاجأته تمامًا. خف توجّسي وأصابني طرف زهو وفرح. 

كان لايبوفيتش عالمًا موسوعيًا فذًا، وصديقتي اختارت أن تدرس عنده عن "السببية في الفكر الفلسفي وتطوّرها".

اختارت أن تكتب عن السببية عند "المعتزلة"، واعتمدت مصادر كُتبت كلّها بالعربية، وفي مقدّمتها كان كتاب حسين مروة- "النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية"، الصادر حديثًا حينها، وذلك في آخر السبعينيات. 

فتن لايبوفيتش بما سمع، وطلب مقابلتنا لمزيد من الحديث.

في اليوم التالي توجهنا إلى بيته. استقبلنا بحفاوة. كان بيتًا من كتب. أدخلنا إلى غرفة عمله، وجلسنا على كنبات أتخيّل أنها تعرف القراءة والكتابة. كنت مضطربًا وسعيدًا، وكان هو في تواضع صباح، ورقة ساقية.
 سألني عن المعتزلة وعن حسين مروة وحسن حنفي وغيرهم. حزن لأنه أدرك كم يجهل، وأنه لم يتعرف إلى هذه الثقافة، واعترف بحزن وأسف وبموسيقى لايبوفيتشية شهيرة: "لم آسف على شيء إلّا لأنني لم أتعلم العربية وما أنتجته". 

ودّعنا وصار في عيني أكبر، فتركته وفي صدري تفتّح فجر. 

قلنديا في الخامس من حزيران، مسرح يختزل العبث العربي والضياع كله. يعج بالبشر والزحام. صراخ ونداءات، والكل يركض ليلحق بليله، في قلنديا يشيخ الحزن والنسيان.

بعد نصف ساعة وصلتهم، أمامي يقف بعض الجنود. مددت يدي وبطاقة هويتي، تلقفتها يد صفراء، تفحصت سيارتي وهي تلتفت إلى زميلها وتسأل: اليوم الخامس من حزيران! هل هذا يقول لك شيئًا؟ يتحدثون في الراديو عن اختلال، ماذا يعني اختلال؟ لم يسمعها الجنود، وهي، بإصبعها أشارت لي: تقدّم! دون  أن تنظر إلى وجهي. 



استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]

تعليقات

إقرأ أيضاً


لا اعداء دائمين في السياسة  - جواد بولس

لا اعداء دائمين في السياسة - جواد بولس

الأثنين 19/05/2025 21:26

منذ لحظة اعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، يعيش العالم حالة من القلق وعدم اليقين. وقد ساعدت تصريحاته المتتالية، في شؤون السي...

فلسطين في "العناية المكثفة" وشعبها في "حالة ذهنية" مستعصية -  جواد بولس

فلسطين في "العناية المكثفة" وشعبها في "حالة ذهنية" مستعصية - جواد بولس

السبت 10/05/2025 19:20

يبدو أن مخطط حكومة نتنياهو ازاء مصير قطاع غزة والضفة الغربية اكتسب دفعة جديدة بعد اجتماع  "المجلس السياسي والامني" المصغر، الذي انعقد يوم الاثنين الفا...

بين مسيرة العودة والحرائق في أحراش القدس وضواحيها - بقلم: جواد بولس

بين مسيرة العودة والحرائق في أحراش القدس وضواحيها - بقلم: جواد بولس

السبت 03/05/2025 12:44

أعلنت "جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين"، الناشطة بين فلسطينيي الداخل، عن تعليق/ الغاء مسيرة العودة، التي كان من المزمع تنظيمها، هذا العام، إلى أراضي قري...

لا تخشَ التفكير، فالله ليس كاثوليكيا، هكذا آمن البابا فرنسيس - جواد بولس

لا تخشَ التفكير، فالله ليس كاثوليكيا، هكذا آمن البابا فرنسيس - جواد بولس

السبت 26/04/2025 18:12

رحل البابا فرنسيس يوم الإثنين الفائت، عن  ثمانية وثمانين عاما، تاركا وراءه سيرة عطرة وإرثا من القيم الانسانية الرفيعة التي أشار اليها معظم من عزّوا بو...

اليوم عُلّق على خشبة، جمعة/محنة غزة الحزينة-  جواد بولس

اليوم عُلّق على خشبة، جمعة/محنة غزة الحزينة- جواد بولس

الأحد 20/04/2025 14:35

قصف الطيران الاسرائيلي، فجر الأحد الفائت، مبنى المستشفى المعمداني في غزة، مما أدّى إلى تدمير وإلحاق أضرار جسيمة بمبانيه الأساسية. وأفادت مصادر في المس...

رسالة أخيرة لرئيس المحكمة العليا القاضي يتسحاك عميت - جواد بولس

رسالة أخيرة لرئيس المحكمة العليا القاضي يتسحاك عميت - جواد بولس

السبت 12/04/2025 14:06

استمعت المحكمة العليا الاسرائيلية يوم الثلاثاء الفائت لمرافعات الأطراف في قضية اقالة رئيس جهاز المخابرات العامة، الشاباك. وكانت مجموعة من الجمعيات وال...

ماذا لو أعلن العصيان المدني في اسرائيل؟

ماذا لو أعلن العصيان المدني في اسرائيل؟

السبت 05/04/2025 16:13

قبل سنوات كان مجرد تعاطي المواطن العربي في إسرائيل مع قضية العصيان المدني يعدّ شططاً سياسيا أو ضربا من ضروب المزايدة القومية الرمانسية، بينما كانت تعد...

حق الشعوب بالانتحار ولكن..  جواد بولس

حق الشعوب بالانتحار ولكن.. جواد بولس

السبت 22/03/2025 17:28

تشهد اسرائيل، هذه الأيام، آخر تداعيات الحرب الجارية منذ سنوات طويلة بين دعائم وبقايا منظومات الحكم السابق فيها، وبين كتائب "العهد القديم" الذي يعمل بن...

التطبيع مع اسرائيل، "لا أرض أخرى" في مواجهة لا رأي آخر

التطبيع مع اسرائيل، "لا أرض أخرى" في مواجهة لا رأي آخر

السبت 15/03/2025 15:08

فاز فيلم "لا أرض أخرى" بجائزة الاوسكار عن فئة الفيلم الوثائقي الطويل، خلال حفل توزيع الجوائز الذي أقيم في مطلع الشهر الجاري  في هوليود .

اسرائيل ونحن بين خراب آت وعمار بحاجة لجسور متينة - جواد بولس

اسرائيل ونحن بين خراب آت وعمار بحاجة لجسور متينة - جواد بولس

السبت 08/03/2025 21:25

تساءلت في مقالتي الأخيرة ماذا لو جرت الانتخابات الاسرائيلية اليوم؛ وافترضت أن مشاركة المواطنين الفلسطينيين فيها باتت مهدّدة لسببين رئيسين، الاول سياسة...

الأكثر قراءة

المشهد: تشييع جثمان الشابة جنان سليمان يوم غد الجمعة بعد مصرعها بحادث تلفريك في إيطاليا

الخميس 24/04/2025 21:35

المشهد: تشييع جثمان الشابة جنان سليمان ي...
محمود عباس يهاجم حماس ويطالبها بتسليم السلاح والرهائن

الأربعاء 23/04/2025 21:55

محمود عباس يهاجم حماس ويطالبها بتسليم ال...
الحكومة تصادق على  تعيين المحامي فراس فرّاج مفوضًا للمساواة في فرص العمل في وزارة الاقتصاد والصناعة

الأثنين 05/05/2025 14:46

الحكومة تصادق على تعيين المحامي فراس فر...
بين مسيرة العودة والحرائق في أحراش القدس وضواحيها - بقلم: جواد بولس

السبت 03/05/2025 12:44

بين مسيرة العودة والحرائق في أحراش القدس...
فاجعة في دير الأسد: اقرار وفاة الطفلة راحل أسدي بعد مصرع والدتها وشقيقها بالحريق

السبت 17/05/2025 07:52

فاجعة في دير الأسد: اقرار وفاة الطفلة را...

كلمات مفتاحية

ادمغة مسروقة عالميات اخبار محلية اخبار محلية محليه اخبار محلية اخبار محليه لاجئ المتوسط انقاذ مركز محمود درويش عرابة رجال في الشمس البروكلي فوائد تصميم ديكور منزل كعكة التوت البوظة المغار اطلاق رصاص اعتقال اخبار محلية اخبار محليه محلية اطلاق اعراس اردوغان فوز العدالة والتنمية
  • أخبار محلية
  • الرامة
  • المغار
  • عيلبون
  • دير حنا
  • سخنين
  • عرابة
  • اخبار عالمية
  • رياضة
  • رياضة محلية
  • رياضة عالمية
  • تقارير خاصة
  • اقتصاد
  • مقالات
  • مطبخ
  • صحة وطب
  • مجلة الحمرا
  • جمال وازياء
  • تكنولوجيا
  • فن
  • ستوديو انتخابات 2022
  • مـسـلسـلات
  • مسلسلات كرتون
  • مسلسلات رمضان 2019
  • مسلسلات رمضان 2017
  • افلام
  • افلام كرتون
  • افلام تركية
  • افلام هندية
  • فنانين محليين
  • برامج تلفزيون
  • منوعات
  • رقص النجوم 3
  • حديث البلد - موسم 7
  • تراتيل جمعة الالام
  • من نحن
  • اتصل بنا
  • للاعلان لدينا
  • شروط الأستخدام
© جميع الحقوق محفوظة 2025
Megatam Web Development