لدى هيلاري كلينتون مجموعة من أقوى المؤهلات التي تقدم بها مرشح لنيل منصب الرئيس الامريكي على الإطلاق. فقد كانت في يوم من الأيام السيدة الأولى وعضوا في مجلس الشيوخ ووزيرة للخارجية وواحدة من العالمين ببواطن الأمور في واشنطن تمتد خبرتها السياسية لعشرات السنين.
لكنها في الوقت نفسه شخصية اختلفت فيها الآراء.
وإذا استطاعت كلينتون (69 عاما) مرشحة الحزب الديمقراطي الفوز على المرشح الجمهوري دونالد ترامب (70 عاما) في الانتخابات يوم الثلاثاء فستصبح أول امرأة تنتخب لشغل منصب رئيس الولايات المتحدة بعد أن أصبحت أول امرأة واحدة من بين السيدات الأول التي تنتخب لشغل منصب عام وأول امرأة يرشحها أحد الحزبين الرئيسيين لمنصب الرئيس.
وكانت كلينتون فشلت في محاولتها الأولى عام 2008 للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي الذي اختار باراك أوباما حينذاك.
وقد اتسمت الفترة التي ظهرت فيها كلينتون على الساحة السياسية الأمريكية بالاستقطاب الحزبي الشديد والانقسامات الكبيرة في المجتمع الأمريكي. وتتباين آراء الأمريكيين تباينا كبيرا بشأن كلينتون.
ويرى معجبوها أنها زعيمة حازمة قادرة بل وملهمة في بعض الأحيان تحملت مصاعب شديدة من خصومها السياسيين الساعين لإسقاطها. ويعتبرها منتقدوها شخصية عديمة الضمير وانتهازية متعطشة للسلطة.
دخلت كلينتون سباق انتخابات 2016 باعتبارها صاحبة أفضل فرص الفوز بترشيح حزبها. غير أنها كانت شخصية من داخل المؤسسة الأمريكية وصاحبة باع طويل من الخبرة السياسية وذلك في وقت كان الناخبون يتطلعون فيه فيما يبدو لشخصية من خارج المؤسسة.
واستطاعت التغلب على تحد صعب على غير المتوقع من السناتور الأمريكي بيرني ساندرز الذي يصف نفسه بأنه اشتراكي ديمقراطي لتفوز بترشيح الحزب الديمقراطي في يوليو تموز الماضي.
وعلى مدى عشرات السنين خاضت كلينتون معارك مع خصومها من المحافظين والجمهوريين وخرجت سالمة من صراعات كان من بينها ما دار حول عدم إخلاص زوجها بيل كلينتون ومحاولة فاشلة من جانب الجمهوريين لعزله من منصبه وتحقيقات في معاملات تجارية سابقة وكذلك استخدامها جهاز خادم كمبيوتر خاص لرسائل البريد الالكتروني وهي وزيرة للخارجية.
ومن الأحداث الشهيرة أنها شكت في عام 1998 أثناء فترة رئاسة زوجها من "مؤامرة يمينية كبيرة."
ويؤيدها كثير من الديمقراطيين لمناداتها بحقوق المرأة في الداخل والخارج وبالعدالة الاجتماعية وبإتاحة الرعاية الصحية. غير أن استطلاعات الرأي تظهر أن أغلبية من الناخبين الأمريكيين لا يثقون بها.
وفي مواجهة ترامب قطب صناعة العقارات صورت كلينتون ترشيحها كحصن لدرء خطر فريد على الديمقراطية الأمريكية قالت إنه يمثله.
وخلال الفترة التي شغلت فيها منصب وزيرة الخارجية في إدارة الرئيس أوباما من 2009 إلى 2013 تصدت للحرب الأهلية في كل من سوريا وليبيا والبرنامج النووي الايراني ونفوذ الصين المتنامي وإصرار روسيا على تأكيد دورها وإنهاء حرب العراق والحرب في أفغانستان بالإضافة إلى محاولة لم يكتب لها النجاح لتسوية الصراع الاسرائيلي الفلسطيني.
وكانت كلينتون مرشحة للرئاسة عندما استطاعت - خلال جلسة استماع صعبة في الكونجرس امتدت 11 ساعة في أكتوبر تشرين الأول عام 2015 - اتقاء انتقادات من الجمهوريين للطريقة التي تعاملت بها مع هجوم شنه متشددون في بنغازي بليبيا عام 2012 وقتل فيه السفير الأمريكي.
وتركزت تلك الجلسة وجلسة أخرى عقدت في يناير كانون الثاني 2013 وهي لا تزال وزيرة للخارجية على اتهامات بتسبب وزارة الخارجية في ثغرات أمنية كان لها دور في الهجوم.
ودفعها ارتياب خصومها ووسائل الإعلام فيها منذ فترة طويلة إلى البقاء في حالة حذر.
وقالت كلينتون في معرض قبولها ترشيح الحزب الديمقراطي هذا العام "الحقيقة طوال كل هذه السنوات من الخدمة العامة أن شق الخدمة أسهل دائما من الشق العام. وأتصور أن بعض الناس لا يعرفون كيف يكونون رأيا في شخصي."
وفي ذلك المؤتمر نفسه أشاد أوباما بسنوات خبرتها وقال "لم يحدث قط أن كان هناك شخص أكثر تأهيلا سواء رجل أو إمرأة ولا حتى أنا أو بيل من هيلاري كلينتون لشغل منصب رئيس الولايات المتحدة."
وقد اتهم الجمهوريون كلينتون بمخالفة القانون باستخدامها خادم الكمبيوتر الخاص لبريدها الالكتروني وهي وزيرة للخارجية. وفي يوليو تموز وصمها جيمس كومي مدير مكتب التحقيقات الاتحادي بالاهمال الشديد في تعاملها مع البريد الالكتروني غير أن وزارة العدل قبلت توصيته بعدم توجيه اتهامات جنائية إليها.
وقالت كلينتون خلال مناظرة في 26 سبتمبر ايلول مع ترامب مشيرة إلى أن تعاملها مع البريد الالكتروني كان "خطأ" تتحمل هي مسؤوليته "لو اضطررت إلى ذلك مرة أخرى فمن الواضح أنني سأفعل ذلك بشكل مختلف."
وتجدد الجدل مرة أخرى في 28 أكتوبر تشرين الأول عندما أخطر كومي أعضاء الكونجرس الأمريكي بأن مكتب التحقيقات الاتحادي يحقق في مجموعة جديدة من رسائل البريد الالكتروني غير أنه قال أن أهميتها غير واضحة.
وانتهز ترامب ذلك فراح يهزأ بهيلاري "المحتالة" وقال إنه سيسعى لسجنها إذا ما فاز في الانتخابات وشجع أنصاره على ترديد هتاف "احبسوها".
وصورت كلينتون ترامب على أنه عنصري من دعاة الكراهية ومنحاز للرجال على حساب النساء ومتهرب من الضرائب ومعجب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ولا يصلح لشغل منصب الرئيس والقائد العام للقوات المسلحة.
ورد ترامب في مناظرتهما في 19 أكتوبر تشرين الأول بانها "إمرأة شريرة جدا" عندما أشارت إلى أنه يحاول التنصل من دفع الضرائب الأعلى التي تنادي هي بفرضها على الأغنياء.
[email protected]