فعلاً، تَجدّد ديكور "هيك منغني" (أم تي في) من أجل المزيد من الصخب، وأصبحت وظيفة الأضواء التعتيم على كلّ العناصر لئلا يبقى سوى مايا دياب. يؤكد البرنامج في موسمه الرابع أنّه ليس أكثر من واجهة تجذب المارة بحُسن منظرها.
تجذبك دياب الى واجهتها وتتركك على مسافة منها، كون الحيّز الذي تشغله من النوع الموقت الذي ينتهي بانتهاء الحلقة. تغيب ثم تعود، وتُدرك متى تجعل ذلك شعارها لئلا تسري الشائعات وتكثُر التكهّنات كلما طال البُعد. يبدو أنّ الهواجس لا تتبدّل، بعكس الديكورات والبهرجة المتعمَّدة في الصورة. أن تكون دياب بمكانة السلطانة، هاجسٌ يحتمل التعبير عنه صراحة أو بالالتفاف، مع الأفضلية للاحتمال الأول كونها لا تُحرَج بتعظيم شأنها. تظنّ المُشاهد كبعض ضيوفها المحمول على الذهول بها، والفانز الذي تُصوِّره زاحفاً إليها من فرط السحر. الحال أنّها لا ترضى بأقلّ من الإعجاب المطلق بتركيبتها وتأثيرها كأنثى تستدعي الفتنة. كأنّ ما يجري دائماً سببه اتفاق على إبقائها "سنتر" الموجودين ليدوروا هم حولها. كان الظنّ أنّه الأوان لتكفّ عن فرض نفسها كمتفوّقة تحرّك الجميع من برجها. برنامجها لتظهر جميلة، مُتجاوِبة بجسدها مع الموسيقى، طافحة بالإغراء، مُنفلشة على المساحات، ومتمكّنة من السيطرة، وليُغني الضيف لها ويُقدّم نفسه (لو استطاع) قرباناً على معبدها. ما عادت الخديعة تنطلي على المُشاهد. البرنامج لبعض التسلية ليلة السبت إن كان لا بدّ من المكوث في المنزل. لا يحتمل أبعد من هذا. أغنيات قد تتركك في مزاج معتدل ودياب في كلّ الوقت تملأ المشهد والمَشاهد الأخرى. تُرخي نظرة عن ضيوفها بأنهم دائماً على حسابها، إن غنّوا لها لمعَ نجمهم في الحلقة. المشاعر مع بعض التلقائية أصدق، وإلاّ كان الشكّ بأنّ الوجوه نفسها تتكرر كونها تُتقِن الغزل بدياب وتُجيد الحصول على بركتها. كأنّ المُشاهد خارج كلّ هذا وهي تتوجّه الى ضيفها: "من شروط البرنامج أن تُغنّي لمايا، وإلا ما فيك تجي"(!). يأتيها الردّ: "حاضر"(!). يُمكن لهذا أن يكون لطيفاً في سهرة خاصة، فيُغنّى لها موّال رائع: "كل البنات كلّن، عمايا بدي دلّن، نجوم السما لو غابوا، مايا بتضوّي محلّن". ينبغي للشاشة ألا تستبعد مُشاهداً يرى السذاجة في الأشياء التي تزيد عن حدّها. "هيك منغني" رسالة دياب الى العزّال والغيارى بأنها مستمرة وأنيقة وصاحبة شخصية من صخر. الذكاء تمريرُ ذلك من دون المُجاهرة به، و"أسر" الضيف من دون الحاجة الى إطلاق ضحكة رخوة، والتفرّد بالكادر، وتحوير كلمات الأغنيات لتحتوي اسمها. لكنّ المخرج كميل طانيوس يأبى إلاّ إحاطتها بهالة. لن يكترث إن بالغ في استثناء الجميع من أجلها. يعتّم الستوديو لتبقى مُشرقة. بالأخضر أو الأسود أو أي لون آخر يقع على جسدها. المساحة الواسعة والجمهور المُصفِّق والضيوف والألعاب، مجرّد توابع. يُدرك طانيوس أن دياب لن تتخاذل ومن طِباعها عدم النكران. تسأل ضيوفها إن كانوا يشعرون بالراحة، ثم تتوجّه اليه: "كامو، مرتاح أو لأ؟". تُريده أن يُجيبها. "كتير". مرتاح جداً معها. يقول، هو المُتفنِّن في صنع الصورة طالما أنّ دياب تُشكّلها ثم تتشكّل بها. تسمع أغنيات تُحبّها بذريعة ألعاب يصعب التصديق أنّها تُؤدَّى بعفوية. دياب وسط كلّ هذا تضحك. ألسنة كثيرة تعجز عن وصفها ليستمرّ البرنامج.
[email protected]