يحزنني ويوجعني النّبأ الخطير عن طفل فلسطينيّ يحمل سكيّنا أو مقصّا أو مفكّا أو مسطرة ويمشي الى ساحة الاعدام.
ألأعلام البهيميّ يسمّيه مخرّبا أو إرهابيا.لا يخجلون بعدما أودعوا أخلاقهم وضمائرهم وإنسانيّتهم في ثّلاجة الموتى . ولا يتورّعون على تسمية طفل في الحاديّة عشرة من عمره أو في الثّالثة عشرة بالمخرّب. ويتفاخرون باعدامه. رصاصة. رصاصتان. خمس رصاصات...في الرّأس في والصّدر....يا للبطولة!
وأبناء شعبي الذين ما رأوا يوما جميلا في العمر يسمّونه شهيدا ويزفّونه إلى المقبرة البائسة بالهتاف وبالتّكبير وبالغناء.وأمّه تبكي وتجوح... هل تعرفون قلب الأمّ وهل تصوّرتم لوعة الثّاكل؟ هل تفهمون ما معنى أن تفقد أمّ ابنها،فلذة كبدها؟
المحلّلون على شاشات التّلفاز الإسرائيليّ والمختصّون بالشّؤون العربيّة والفلسطينيّة والإسلاميّة يتحدّثون بمنطق خنازيريّ وبشماتة عن الجنّة وعن اثنتين وسبعين حوريّة. والطّفل الفلسطينيّ الشّهيد عمره أحد عشر عاما أو خمسة عشر عاما أو ما بينهما، لم تقبّل شفتاه سوى وجنة أمّه وراحتها ولم يسمع بالحوريّات ولم يحلم بهنّ ولا يعرف معنى الصّبيّة العذراء!!
يبثّ رئيس وزراء إسرائيل، في جميع المحافل المحليّة والدّوليّة أنّ الطّفل الفلسطينيّ هو وليد التّحريض، وثمرة التّحريض والوزراء النوّاب الإعلاميون الرعّاع القطيع الببغاوات يردّدون ذلك. يا لها من مفارقة! رئيس وزراء إسرائيل يقول الصّدق.هذه بيضة ديك. نعم.الطّفل الفلسطينيّ ضحيّة التّحريض. والتّحريض لعين خبيث قتّال. ذات مرة. صحا الطّفل من نومه مذعورا على شتائم الجنّود الذين اقتحموا بيتهم ليلا وأهانوا والديه. وفي مرّات كثيرة شاهد العساكر يذلّون والديه وجدّته المريضة على الحاجز الأمنيّ، ورأى المستوطنين يحرقون عشر زيتونات كانت لوالده، ونهض ذات صباح فوجد النّاس متجمهرين حول المسجد الذي حرقه المستوطنون. وسار قبل عام في جنازة محمّد أبو خضير الذي خطفه المستوطنون وهو في طريقه ليصلّي صلاة الفجر وحرقوه. ولا يستطيع الطّفل الفلسطينيّ أن يفهم كيف يحرق إنسان عائلة كاملة في دوما. هل المستوطن إنسان يا أحمد الدّوابشة؟! وعندما سافر مع والديه من المخيّم إلى نابلس شاهد المستوطنات والحدائق والأشجار والأزهار والملاعب. سلبوا أرضنا وتنعّموا بها وتركونا في بؤس المخيّم... يلعن أبو هالعيشة. إلى متى سنبقى هكذا؟
ويعرف الطّفل أحمد المناصرة أنّ معركته مع الجنرال يعلون غير متكافئة. فالجنرال يملك سلاح الطّيران ويملك القبّة الحديديّة التي اخترعها العقل اليهوديّ الذي أنجب فرويد وأينشتاين وعمير بيرتس وميري ريغف. ويملك المركفاه ويريحو وديمونا، والتخنيون والجامعة العبريّة والفيتو الأمريكيّ والمستعربين الذين يقتحمون المستشفيّات ويخطفون ويعدمون. ويملك علاقات سريّة وعلاقات علنيّة مع دول عربيّة شقيقة!!!.
ويعرف الطّفل أحمد المناصرة أنّه يملك تمرّده وحبّه للشمس... وضعفه الانسانيّ!!!.
لا أستطيع أن أتصوّر بماذا كان يفكر الطّفل الفلسطينيّ حينما حمل سكّينا وسار نحو الجنود المدجّجين بالسّلاح على الحاجز العسكريّ. ولا أستطيع أن أتخيّل ما كان يحلم الطّفل الفلسطينيّ ابن الحاديّة عشرة الذي دخل عربة القطار يشهر سكّينا. ولكن دعوني أسأل: ما الذي حوّل الطّفل الملاك البريء إلى"مخرّب" والى "ارهابيّ" ؟ وما الذي جعل الطّفل الملاك يقول. "يلعن أبو هيك عيشة" ويمشي إلى الشّهادة؟.
الاحتلال هو من سلب طفولتك يا أحمد.والاحتلال هو من سرق براءتك يا أحمد.والاحتلال هو الذي خطف النّاي والرّيشة والقلم وفارة الحاسوب من راحتك وناولك السّكّين يا أحمد!!.
أريدك حيًّا حيًّا حيًّا لا شهيدا. وتعيش يا أحمد وتحيا فلسطين!.
[email protected]