في زمن تسارعت فيه الأخبار وتلاشت فيه الحدود بين الخاص والعام أصبح الحديث عن شؤون الاخرين ظاهرة وهواية مؤذية ومقلقة تمارس دون وعي بعواقبها واهمية هذا الانفتاح بات احترام الخصوصيات ضرورة لا رفاهية وقيمة أخلاقية من الدرجة الأولى نحتاج ان نعيد احياءها في وعينا ونمط حياتنا
ليس المقصود العبارة التربوية نشر ملابس الإنسان على الحبل وفضح ما ستره الله، ونشر غسيل الملابس الداخلية الخاصة في الخارج، حيث يمكن للمجتمع أن يراه، وإنما نشر غسيل الآخرين والتدخل بخصوصيات وأسرار أفراد أو بيوت، وعلاقات من قبل فئة مريضة ناتجة عن الحقد وإرضاء الذات، والانتقام، أو ترجيح أسبابها لخلافات ومآرب شخصية دنيئة.
لا يختلف عاقلان أن لكل بيت حرمته وقدسيته، وفتح ما يدور خلف الجدران المغلقة واستخدامها كأداة مضطربة وبهدف الانتقام والتجريح، ونشر ما يُسمى غسيل الآخرين في عبر شبكات التواصل الاجتماعي تعتبر جريمة قذف وتشهير يُعاقب عليها القانون، وهذه الوضعية بنظري اشبه، بعود ثقاب يلعب به طفل وسط الغابة، بل بؤرة خطيرة، لا يعرف حدود مخاطرها وانعكاساتها على الأطراف والمجتمع عامة.
وما يزيد الطين بلّة تفاقم هذه الظاهرة، وخروجها عن السيطرة، وحصرها فقط بمفوض الشخصيات السياسية والمشاهير، لتطالها داخل عامة الناس من مختلف الأعمار وطبقات المجتمع.
المفروض أن شبكات التواصل وُجدت من أجل التواصل والتعبير عن الرأي بصورة حضارية، وطرح مواضيع شاملة بكل موضوعية مهنية، وتوثيق حوار وفتح نقاش على أُسس وحقائق، وهادفة للتوعية واستخلاص العبر المراد بها في نهاية المطاف يصب في خدمة مصلحة المجتمع، وليس منصات لترويج الأكاذيب، والإشاعات الزائفة والمتناقضة.
هذا الوضع علينا معالجته، ومراقبته، وتطبيق معايير وأخلاقيات، والتحقق من صحة المواد قبل نشرها.
في نهاية المطاف تظل الكلمة أداة بالغة الأهمية ، تحمل في طياتها القدرة على الارتقاء أو الإساءة ان اختيارنا لكلماتنا وتوقيت استخدامها يعكس مدى وعينا وتفهمنا لتأثيرها العميق على الاخرين فلنجعل من لغة التواصل جسرا للتفاهم والاحترام المتبادل وبوابة نحو علاقات إنسانية أكثر متانة
ووئامًا ان المسؤولية تقع على عاتق كل واحد منا في صياغة حوارنا بوعي وإيجابية مدركين أن الكلمة الطيبة صدقة وأثرها يبقى
[email protected]