باجواء مؤثرة ومثرية في ذكرى الشاعر الكبير سميح القاسم، تم في جاليري حيفا بتاريخ 13.9.2024 افتتاح معرض "طائر الرعد"، الذي شمل صوراً ومنشورات ورسومات لمسيرة الشاعر الغنية.
حضر الأمسية عدد كبير من عائلة الشاعر والأدباء والفنانين وأصدقاء قدامى لسميح القاسم، وجمهور لافت من المهتمين بمسيرته الأدبية والسياسية وبمساهمته المميزة في الشعر المقاوم الذي أصبح على لسان كل انسان، واتخذ بعداً عالمياً وترجم الى لغات كثيرة.
شارك بكلمات الافتتاح كل من محمد بركة، رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، سعاد نصر-مخول، القيمة على المعرض وصاحبة الجاليري، عصام مخول- رئيس معهد اميل توما، د. نبيه القاسم، د. رياض كامل، وعن العائله ومؤسسة سميح القاسم تكلم وطن القاسم نجل الشاعر.
محمد بركة، أكد على الدور الوطني والتقدمي المميز لسميح القاسم، الذي أصبح رمزاً للنضال الوطني التحرري لشعبه الفلسطيني من جهة، وللتصدي لمؤامرات السلطة لسلخ المعروفيين الدروز عن انتمائهم الأصيل الى شعبهم وقضاياه الوطنية والانسانية. وكان سميح القاسم من أوائل الرافضين للخدمة الاجبارية للشباب الدروز ومن مؤسسي لجنة المبادرة الدرزية في أواسط سبعينيات القرن الماضي، وأضاف بركة: إننا اليوم أكثر ما نكون بحاجة الى صوت سميح القاسم الوطني النقي، في ظل تصعيد مشاريع السلخ والتفكيك التي تستهدف انتماء الطائفة العربية المعروفية، وتستهدف النيل من حقوقها ومن حقها في مواجهة الفاشية المنفلتة والاضطهاد القومي المقيث. وتحدث الفنانة سعاد نصر القيمة على المعرض عن المشهد الثقافي في مدينة حيفا في سنوات السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، حيث كان سميح القاسم مقيماً فيها وأسهم إسهاماً كبيراً في إغناء هذا المشهد والنهوض به، وعن مساهمتها مع شقيقتها التوأم الفنانة تريز نصر- عزام في رسم اللوحات التعبيرية لدواوين شعر سميح القاسم وغيره. عصام مخول الذي أدار الافتتاح قال: "إن سميح القاسم هو أكثر من مجرد شاعر كبير، فقد التقت قدراته الابداعية الفذة مع لحظة النهوض الوطني الكفاحي السياسي فانتجت لحظة تاريخية وحالة ثقافية وسياسية ثورية، كان سميح أحد فرسانها وحادي مسيرتها" . وأضاف مخول "لحيفا حصة كبيرة في سميح القاسم، ولسميح القاسم حصة كبيرة في حيفا، فيها منه الكثير، وفيه الكثير منها".
د. رياض كامل، أجاب في مداخلته على السؤال، لماذا بقي سميح! وما هو الأساس في الكثير مما هو باق منه، وحسم الناقد رياض كامل جوابه بأن سميح باق، لأنه ولد مشاغباً منذ كان رضيعاً لا يقبل لأحد أن يكتم صوت بكائه مع والديه في القطار في شرق الاردن إبان الحرب، ولو هددهم الجنود بالبنادق. وأكد رياض: إن سميح الشاعر كان مثقفا شمولياً، ضليعاً بعمق وتفاصيل الحضارة والثقافة العربية وبالحضارة العالمية وثقافات الشعوب، بها أثرى شعره وإبداعاته.
د. نبيه القاسم تحدث عن خفايا العلاقات الاجتماعية وعلاقات القربى التي حظي بها في الدوائر العائلية المحيطة بسميح، ومركزية حضوره الاجتماعي والانساني، وذكرياته مع هذا المحيط وتأثره بها، وتطرق د. القاسم الى مساهمات سميح القاسم متعددة المجالات والأبواب في الشعر والأدب والى تجديده مشيراً إلى إبتكار سميح لما أسماه السربية في الشعر، وإلى تناول سميح للشعر والرواية والمسرحية، والقصة القصيرة والمقالة السياسية، والتي برع وجدد فيها.
وطن القاسم، نجل الشاعر ومدير مؤسسة سميح القاسم، تحدث باسم العائلة وأشاد بمبادرة جاليري حيفا والقيمة عليه الفنانة سعاد لتنظيم هذا المعرض الراقي المميز والتعاون المكثف بين الجاليري ومؤسسة سميح القاسم. وتطرق وطن القاسم الى مقولة والده: "حسبَ الوقت ولكني ما حسبت.." في إشارة رقيقة الى شعور سميح في سنواته الاخيرة الى أن الحياة مرت مثل لمح البصر.. وقال: وبالرغم من ذلك فإن الذكرى العاشرة لغياب جسده وما يرافقها من فعاليات داخل البلاد وخارجها، وترجمات لقصائد وكتب وملايين المشاهدات على شبكات التواصل تؤكد أن سميح ما زال حاضراً يعيش في وجدان الناس والأحرار في العالم.
في نهاية الأمسية كانت لحظة مؤثرة حين قدمت الفنانة سعاد نصر لعائلة الشاعر سميح القاسم بحضور الزوجة نوال، لوحة كان سميح قد اختارها قبل ١٢ عاماً أثناء زيارته لمعرضها "حيفا من هنا انطلقت"، الذي أقيم بمناسبة مرور ٢٥٠ عاماً على تأسيس حيفا على يد ظاهر العمر الزيداني.
رافق الأمسية الفنانة المميزة ميرا عازر وفرقتها التي غنت وعزفت من قصائد سميح القاسم.
تصوير: لمسه ميديا / حسين مرعي / جاليري حيفا
[email protected]