توجّه إليّ في الآونة الأخيرة، عددٌ ليس بقليل من سكان بلدتي شفاعمرو الحبيبة، الذين علّقوا آمالا كبيرة لإحداث تغيير جذري على أوضاع البلد بشكل عام، مستفسرين عن سبب عدم التطرّق لعمل الإدارة الجديدة المنتخبة التي رفعت عاليًا شعار "عهد جديد ع الأكيد " فاتّهمني البعض بالتغاضي عمّا يدور بسبب علاقتي الشخصية مع عدد من أعضاء الإدارة المنتخبة، وفي مقدّمتها رئيس المؤسّسة الكبرى المبنية على الاحترام المتبادل.
لهم أقول، وبصورة مباشرة وبكل مهنية وشفافية لا وألف لا، قلمي يرسم الضوء ولا ينفث السوء، ولا يصطاد بالماء العكرة. كان وسيبقى حرًا متحررا، هادفًا للتوعية والإصلاح بتوجيهه النّقد البنّاء المبني على أسس وحقائق.
وما دمنا نتكلم عن المهنية والموضوعية والشفافية، فكما هو متبع اعطينا فترة تجربة كافية والحقيقة الفترة كافية جدًا، وحان الوقت لنقيّم ونحقق في أداء الإدارة الجديدة عملها، إنجازها، مهاراتها وكفاءاتها.
في اعتقادي، لا يختلف عاقلان اثنان على أنه للأسف لا عهد جديدًا ع الأكيد؛ المواطن مستاء جدا ويتذمر! وبدوري، أشارك المواطن رأيه وأسمح لنفسي وبكل ثقة ودون تردد، أن أقول نعم وألف نعم، لم يطرأ أي تغيير ملموس على أوضاع بلدتي، رغم التعهدات والوعود بعهد جديد ع الأكيد. وللأسف، لا نرى بصيص أمل يبشر بتغيير أوضاعها، بل بالعكس شوارعها والبنية التحتية تستغيث من الفوضى وأكوام القاذورات والنفايات المتراكمة!! وهناك فراغ وركود ومماطلة في اتخاذ قرارات ضرورية حاسمة في تعيين بديل لعدد من الوظائف الحيوية مثل مدير عام البلدية، مهندس البلدية، مدير قسم المشتريات ومدير قسم الصحة ناهيك بمشاهد العنف الآخذة بالازدياد والقائمة طويلة سنتطرق إليها بتوسع. كل هذا يحدث في القرن الواحد والعشرين، عصر التطور وركب الحضارة، هذه هي أوضاعنا، سيدة الموقف وحديث الساعة، ومع كل هذا نتجاهل الحقيقة والواقع ولا نحرك ساكنا، بل ننجر وراء المظاهر ونتبع سياسة التلون والتغريد خارج السرب.
عين الشمس لا تغطى بغربال، والحقيقة لا يمكن طمسها، علينا الاعتراف بوجود سحابة سوداء مخيفة تغطي سماءها توحي بتدهور الأوضاع واستمرار أعمال الشغب والعنف، تردّي أوضاعها وانحرافها نحو المجهول، وزعزعة أمان واستقرار أهلها الذين يزداد قلقهم كل يوم، الصغير قبل الكبير، كل هذا في مدينة كانت معروفة بماضيها الحافل؛ تاج الأحرار والشرفاء، منبع الشهامة والتعايش بين أطياف المجتمع كافّةً، مصدر الأمن والاستقرار، بلد الفكر والثقافة !
والسّؤال الذي يطرح نفسه ما الدافع؟ من المسؤول؟ وما الحل؟
لا يوجد جواب قاطع لهذه المسرحية المقيتة التي تكرر مشاهدها كلّ مطلع أو مغيب شمس، ربما يكون الهدف زرع الرعب والخوف وتعكير صفو أجواء وشجرة الأسرة الواحدة وزعزعة مفهوم التعايش، وقد يكون مرجع العنف نتيجة انعدام الوعي والتربية السليمة، أو الفراغ القاتل، أو الظروف الاقتصادية الصعبة، أو سيطرة بعض الفئات من خارجها أو تسلط الإتاوات على المصالح والأفراد، أو تقاعس الدوائر والمؤسسات الحكومية على اختلافها.
مهما كانت الأسباب والدوافع فقد دق ناقوس الخطر، وحان الوقت للعمل على توحيد الصفوف وجمع الكلمة والعمل بنوايا سليمة من دافع الرغبة الأكيدة لما يصب في المصلحة العامة ومكافحة هذه الظواهر الهدامة التي تجاوزت كل الخطوط والنطاق بكل الوسائل المتاحة مهما كان الثمن وحتى خروج الدخان الأبيض، وعدم الاكتفاء بالاستنكار وإصدار التصريحات والشعارات الرنانة، فلنترجم الأقوال إلى الأفعال التي من شأنها أن تصلح حالنا وحال بلدتنا الحبيبة!
فالمصيبة الكبرى لا تكمن في ظلم الأشرار، بل في صمت الأخيار!!!
والله من وراء القصد
[email protected]