ارتكب الجيش الإسرائيلي، فجر اليوم السبت، مجزرة جديدة في حي الدرج شرقي مدينة غزة وسط القطاع، بعد أن استهدف مدرسة "التابعين" التي تؤوي نازحين خلال صلاة الفجر، ما أوقع أكثر من 100 قتيل وعشرات الجرحى، فيما اعترف الجيش الاسرائيلي باستهداف المدرسة، وزعم أن عناصر وقيادات من حركة حماس كانوا فيها.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إنّ الجيش الإسرائيلي ارتكب مذبحة داخل مدرسة التابعين بمدينة غزة راح ضحيتها أكثر من 100 قتيل وعشرات الإصابات، وهذا يأتي في إطار جريمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني. وأوضح المكتب، في بيان له، أنّ "الجيش الاسرائيلي قصف النازحين مباشرةً خلال تأديتهم صلاة الفجر، وهذا ما رفع أعداد القتلى بشكل متسارع".
وأضاف: "من هول المذبحة وأعداد القتلى الكبيرة لم تتمكن الطواقم الطبية والدفاع المدني وفرق الإغاثة والطوارئ من انتشال جثامين جميع القتلى حتى الآن". ودان المكتب في بيانه بـ"أشد العبارات" ارتكاب الجيش الاسرائيلي لهذه المذبحة المروعة، ودعا كل العالم إلى إدانتها، وحمّل الجيش الإسرائيلي والإدارة الأميركية المسؤولية الكاملة عن هذه المذبحة. وطالب المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والأممية بالضغط على اسرائيللا لوقف جريمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد المدنيين والنازحين في قطاع غزة، ووقف شلال الدم المتدفق في قطاع غزة.
من جهته، اعترف الجيش الاسرائيلي بقصف مدرسة "التابعين" في حي الدرج شرقي مدينة غزة، زاعماً أنه استهدف مركزاً لحركة حماس داخل المدرسة. وقال الجيش، في بيان له، إنّ "مركز القيادة والسيطرة التابع لحماس داخل المدرسة كان بمثابة مخبأ لقادة الحركة، حيث خُطِّط لشنّ هجمات مختلفة من هناك على إسرائيل"، على حد قوله. ونقلت وكالة الأناضول عن شهود عيان قولهم إنّ القصف الإسرائيلي استهدف النازحين في مدرسة "التابعين" بثلاثة صواريخ بشكل مباشر في مصلى المدرسة. وذكر الشهود أن جثث القتلى عبارة عن أشلاء متفحمة تتكدس في منطقة المصلى ويتناثر بعضها في فناء المدرسة نتيجة شدة القصف الإسرائيلي.
وفي السياق، أعلن المتحدث باسم الدفاع المدني في قطاع غزة محمود بصل، في مؤتمر صحافي بعيد مجزرة حي الدرج، أن "الجيش الإسرائيلي استهدف 13 مركزاً لإيواء النازحين في أنحاء القطاع منذ بداية أغسطس/ آب الحالي". وأشار بصل إلى أن "الجيش الإسرائيلي استهدف في مدرسة التابعين طابقين، الأول كان يؤوي النساء النازحات والأطفال، والأرضي وهو عبارة عن مصلى للنازحين". وأضاف: "مدرسة التابعين تؤوي أكثر من 6 آلاف نازح ذهبوا إليها بعد تدمير قوات الجيش الإسرائيلي منازلهم في أكثر من منطقة بقطاع غزة". وذكر أنّ "الجميع فُجع بحجم المجزرة الكبيرة والمخيف، بفعل العدد الكبير من القتلى والجرحى بينهم أطفال ونساء، وجزء منهم أشلاء، وجزء آخر اشتعلت فيهم النيران في مشهد مخيف لم يراعِ أدنى الاعتبارات الإنسانية".
وأوضح بصل أن "العديد من الأشلاء لم يجرِ التعرف إلى هوية أصحابها، وهناك مفقودون حتى اللحظة غير معلوم مصيرهم، بعد إبلاغ عائلاتهم بأنهم كانوا داخل المصلى في المدرسة". وأكمل: "ما يمزق قلوبنا أن القتلى أصبحوا عبارة عن أرقام فقط، يتم ذكرهم كأنهم لا شيء، دون أن يلتفت هذا المجتمع الدولي إلى الجرائم التي ترتكب بحق المواطنين العزل، ودون توجيه أي إدانات مباشرة لهذا الاحتلال، ما جعله يمعن في استهداف مزيد من مراكز الإيواء والمدارس". وطالب المسؤول الفلسطيني العالم بـ"التدخل الفوري لوقف هذه المجازر بحق المدنيين العزل داخل مراكز الإيواء".
إدانات فلسطينية لمجزرة حي الدرج
وقالت حركة حماس في بيان، إنّ مجزرة مدرسة التابعين في حي الدرج وسط مدينة غزة جريمة مروّعة تشكّل تصعيداً خطيراً في مسلسل الجرائم والمجازر غير المسبوقة في تاريخ الحروب، والتي تُرتكب في قطاع غزة على يد النازيين الجدد، مشيرة إلى أنها "استمرار للإبادة النازية الصهيونية ضد شعبنا، والإدارة الأميركية متواطئة في الجرائم". ولفتت إلى أن "هذه المجزرة تأكيد واضح من الحكومة الصهيونية لمضيّها في حرب الإبادة ضد شعبنا الفلسطيني، عبر الاستهداف المتكرر والممنهج للمدنيين العزل في مراكز النزوح والأحياء السكنية، وارتكاب أبشع الجرائم بحقّهم"، مشيرة إلى أن "جيش العدو يختلق الذرائع لاستهداف المدنيين والمدارس والمستشفيات وخيام النازحين، وكلها ذرائع واهية وأكاذيب مفضوحة لتبرير جرائمه".
وأكدت الحركة أن "تصاعد الإجرام الصهيوني، والانتهاكات الواسعة ضد المدنيين العزل في كل مناطق قطاع غزة، لم يكن ليتواصل لولا الدعم الأميركي بشكل مباشر لحكومة المتطرفين الصهاينة وجيشها ، عبر تغطية جرائمها، ومدها بكل سبل الإسناد السياسي والعسكري، وهو ما يجعلها شريكةً بشكلٍ كامل فيها"، مطالبة الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي بـ"القيام بمسؤولياتهم والتحرك العاجل لوقف هذه المجازر، ووقف العدوان ضد شعبنا وأهلنا العزل".
وقالت حركة الجهاد الإسلامي، من جهتها، إن استهداف الجيش الاسرائيلي لجموع المصلين في مصلى مدرسة التابعين في حي الدرج بمدينة غزة جريمة حرب مكتملة الأركان، وأوضحت أن "اختيار توقيت موعد صلاة الفجر لتنفيذ هذه المجزرة الرهيبة يؤكد أن العدو كانت لديه النية لإيقاع أكبر عدد ممكن من الشهداء في صفوف المدنيين بمن فيهم الأطفال وكبار السن". وأكدت أن "الذرائع التي يقدمها جيش العدو لتدمير المدارس هي ذاتها التي استخدمها لتدمير المستشفيات من قبل والتي ثبت كذبها".
من جانبها، رأت حركة فتح أنّ "المجزرة الدموية الشنعاء التي ارتكبها الجيش الاسرائيلي في مدرسة التابعين تمثّل ذروة الإرهاب والإجرام لدى حكومة الاحتلال الفاشية"، لافتة إلى أن "حكومة الاحتلال، بارتكابها لهذه المجازر، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشّك مساعيها لإبادة شعبنا عبر سياسة القتل التراكميّ، والمجازر الجماعيّة التي ترتعد لهولها الضمائر الحيّة". كذلك قال المتحدث باسم الحركة في غزة منذر الحايك، إن "الجيش الاسرائيلي يرتكب جريمة كبيرة وقاسية بحق المدنيين النازحين في مدرسة التابعين بغزة". وأضاف الحايك: "دماء الأطفال تستصرخ الضمير العالمي للتدخل لوقف المحرقة والإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة".
من جهتها، قالت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، إنه "ما كان لحكومة اليمين الفاشي في دولة الاحتلال الصهيوني أن ترتكب المجزرة في مدرسة التابعين وتواصل جرائم الإبادة الجماعية لولا الغطاء والإسناد السياسي والعسكري للولايات المتحدة الأميركية والصمت العربي والدولي". أما حركة الأحرار الفلسطينية، فدانت القصف الذي وصفته بـ"المذبحة المروعة"، وقالت: "هذه جريمة مكتملة الأركان نفذت بصواريخ أميركية"، محمّلة الجيش الإسرائيلي والإدارة الأميركية المسؤولية الكاملة عنها.
وقالت حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية أيضاً، إن "أشلاء ودماء الأطفال وكبار السن والنساء في مجزرة مدرسة التابعين، تفند أكاذيب الجيش الاسرائيلي"، مشيرة إلى أن "أي ضغط يمارس لوقف إطلاق النار بغزة يجب أن يوجه نحو حكومة الاحتلال الفاشية كي توقف حربها الوحشية وعدوانها الهمجي على شعبنا الذي يتعرض للقتل والتشريد والتدمير الممنهج".
ويتّبع الجيش الاسرائيلي سياسة ممنهجة في استهداف المدارس ومراكز الإيواء التي لجأ إليها النازحون في غزة، وكان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة قد قال، يوم الاثنين الماضي، في بيان، إن المجازر الأخيرة رفعت عدد مراكز الإيواء المأهولة بالنازحين التي استهدفها الجيش الاسرائيلي منذ بدء حرب الإبادة الجماعية في غزة إلى 172 مدرسة ومركز إيواء، من بينها 152 مدرسة مأهولة بالنازحين، بعضها مدارس حكومية، وأخرى تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وتجاوز عدد القتلى في تلك المجازر 1050 قتيلا . وقالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في بيان، في 17 يوليو/ تموز الماضي، إن نحو 70 بالمائة من مدارسها في قطاع غزة استُهدِفَت منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، وذكر البيان أن أكثر من 95% من هذه المدارس كانت تستخدم ملاجئ حين استهدفها القصف الإسرائيلي.
واضطر الآلاف من أبناء القطاع منذ بداية الحرب إلى النزوح من منازلهم واللجوء إلى المدارس ومحيط المستشفيات مع قصف الطائرات الحربية والمُسيرات الإسرائيلية عشرات آلاف المنازل وتدميرها، واستقبلت المدارس أعداداً كبيرة من النازحين الذين اعتقدوا أنها آمنة، على اعتبار أنها معروفة للإسرائيليين، وأنها تظهر من الجو أبنيةً مدرسيةً مفتوحةً، وهو ما يميزها عن الأبنية والمناطق الأخرى.
وتتواصل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة لليوم الـ309 على التوالي، وسط قصف عنيف يخلّف مئات القتلى والجرحى يومياً، ويدمر كل ما بقي من مقومات الحياة من مبانٍ ومدارس ومراكز صحية. وفي آخر إحصائية لها، قالت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة إن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب أربع مجازر ضد العائلات في القطاع، وصل من ضحاياها إلى المستشفيات 22 قتيلاو77 مصاباً خلال الـ24 ساعة الماضية. وبذلك، ترتفع حصيلة حرب الإبادة الإسرائيلية إلى 39 ألفاً و699 قتيلا و91 ألفاً و722 جريحاً منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
[email protected]