رأى الباحث في العلاقات الدولية والمتخصص في الأمن الروسي والعلاقات الروسية الأطلسية محمد سيف الدين، أن صعود اليمين في الانتخابات الأوروبية هو استمرار لنسق سابق خلال السنوات الأخيرة.
وفي حديث لـRT قال سيف الدين إن هذا الصعود له أسباب مختلفة، منها ما هو داخلي ومنها ما هو مرتبط بالضغوط الخارجية التي تفعلها الأزمات الدولية، مبينا أنه في الأسباب الداخلية، هناك منشأ اقتصادي لشعور جزء كبير من الأوروبيين بالقلق والمنافسة، مع إدراك للضعف الاستراتيجي الذي تعاني منه القارة الأوروبية.
ولفت إلى أنه من ناحية هناك معدلات تضخم مرتفعة، ومعاناة اقتصادية بعد جائحة كوفيد-19 وفي ظل منافسة عالمية محمومة. ومن ناحية أخرى هناك قلق على الهوية جراء تدفق اللاجئين، والتغيرات الديموغرافية التي يحدثونها في البلدان الأوروبية، مشيرا إلى أن "هناك بين الناحيتين تناقضا واضحا، إذ تحتاج الدول الأوروبية المهاجرين كقوة عمل، وتعاني في استيعابهم ثقافيا وسياسيا، وهم حين يحضرون سيحضر معهم تأثيرهم وتفاعلاتهم.
أما حول علاقة هذه النتائج بالحربين في أوكرانيا وغزة، فرأى أنها في اتجاهين أيضا. الأول هو تأثير هاتين الأزمتين على توجهات الناخبين وبالتالي نتائج الانتخابات، وهو تأثير واضح، حيث ترفض شرائح متزايدة من الناخبين توجيه ضرائبها لخدمة الجبهة في أوكرانيا، ولا تحبذ استمرار المساعدات العسكرية والمالية لكييف، والأحزاب اليمينية هي أكثر من يعبر عن هذه الشرائح، والتي ترفض أيضا السياسات الحالية للأحزاب الحاكمة في دول أوروبا الغربية.
وأوضح سيف الدين أن الاتجاه الثاني هو تأثير نتائج هذه الانتخابات على الحربين. وفيه يمكن القول إن صعود اليمين سيؤدي إلى صعوبات أكبر في توفير المساعدات إلى أوكرانيا، وإذا وصلت أحزاب اليمين إلى السلطة، فإن تغيرا تصاعديا سيلحظ في السياسات الأوروبية تجاه الأزمة الأوكرانية، لكن مع انتظار وصول الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مجددا إلى الحكم في واشنطن، فإن وصل تكون سياسات اليمين متناغمة معه، وإن استمر حكم بايدن، فإن تعارضا سينشأ بينه وبين اليمين الأوروبي.
وبخصوص الحرب على غزة، فأفاد بأن الاتجاه اليميني في أوروبا لن يغير من الدعم المتوفر لإسرائيل بدرجة كبيرة، إلا في حال تزايد الإدانات من القضاء الدولي والدول لجريمة الإبادة، ويمكن أن يؤدي صعود اليمين إلى تركيز الموقف الأوروبي على حل الدولتين، والسير في ظل الولايات المتحدة هنا، من أجل حرية أكبر للأوروبيين في الملف الأوكراني.
وذكر سيف الدين أخيرا أن التأثير الأوروبي على قضايا الشرق الأوروبي تراجع بحدة أمام الحضور الأمريكي والصيني والإقليمي. وبالتالي فإن تأثير أي حدث أوروبي على الحرب على غزة يبقى عند درجة محدودة بالتأثير الأمريكي.
المصدر: RT
[email protected]