منذ نعومة أظفارنا ونحن نتذكر الوظائف المدرسيه والتي من المفروض أن تكون كيفاً وكماً مصدراً للإثراء وفرصة للتعمق بالمادة الدراسيه. لكن وللأسف يلجأ قسم لا بأس به من المعلمين والمعلمات إلى إثقال كاهل الطلاب بالوظائف البيتيه التي تبدأ بالنسخ اللا نهائي في الصف الأول, وتمتد إلى الوظائف الماراتونيه التي تجعل الطالب يكره المدرسة والدروس التي تقضي له على ما تبقى له وقت فراغ بعد يوم تعليمي طويل .
الوظائف البيتيه هي في معظمها إثقال على الطالب وعلى ذويه الذين يضطرون لمساعدة الطالب عن طريق رفع قدرة التحمل عنده أو مساعدته بحل الوظائف .
لا أدري لماذا يحتاج المعلم إلى انتهاج سياسة غزارة الوظائف البيتيه والتي لم تعد تصلح لهذه الأجيال ولم تعد أصلاً ملائمة لروح العصر .
المفرض من المدارس والمعلمين أن يبحثوا عن السبل التي تجعل الطالب يتمتع بالمدرسة كي يرى بها مكاناً يجد نفسه فيه ويستطيع تنمية قدراته ومواهبه .
هناك الكثير من المواهب التي ربما تذهب مع الريح لأن المدارس عاجزة عن تقديم الفرصة للطلاب الموهوبين كي يبرزوا وينموا مواهبهم.
كي تنمو المواهب على المدرسة أن تعطي الطالب الجو المريح الذي يجعله يبدع ويبرز أحياناً مواهب دفينه بحاجة ماسه إلى من يطورها وينميها ويعطيها الفرصة كي تظهر وتزدهر ...
يلجأ بعض المعلمين والمعلمات إلى استعمال غزارة الوظائف البيتيه كوسيلة عقاب تتراوح ما بين الفرديه والجماعيه وهنا يقع المربون بخطأ جسيم لا يدركون أثره النفسي والمعنوي والتعليمي على الطلاب الذين تنشأ عندهم ظواهر العداء للتعليم باعتباره عبئاً ثقيلاً لا بل أكاد أقول بأنهم يرون به وسيلة قمع وعقاب ينمي الروح العدائيه تجاه جهاز التعليم والمدرسة برمتها .
لا نحتاج إلى القول بأن عدم إدراك المعلمون بأن استعمالهم للوظائف كوسيلة عقاب أو وسيله مفروضه عليهم بالقوه وبغزاره تؤدي إلى نتائج عكسيه مما قصده المعلم بالوظيفه. كل هذا يهون أمام الوظائف المعدّه للعطل المدرسيه هذه الوظائف تتناسب طردياً مع طول العطلة المدرسيه وهنا تنتابني الحيره والدهشه لسوء التفكير الذي يدفع المعلمين إلى إعطاء الوظائف الماراثونيه.
الهدف من العطله المدرسيه أيها السادة المعلمين والسيدات المعلمات هو ليس فقط أن تستريحوا أنتم من الدوام بل أن يستريح الطالب من الروتين ومن الوظائف المدرسيه ومن ساعات الدوام ومن جهاز التعليم هذه العطل المدرسيه هي فرصة الطلاب كي يعملوا أشياءً أخرى لا علاقة لها بالمدرسه ولربما ممارسة هوايات أو سفر .
لكن أن تطاردوهم بالوظائف البيتيه التي تجعل العطلة فاقدة لقيمتها وبدل أن يعيد الطالب شحن طاقاته من جديد تقومون بعملية استنزاف .
عملية الإستنزاف سادتي هي مصدر ضرر وليس هناك سوى أن المعلمين والمعلمات وبمنتهى البساطة لا يدركون معنى العطل المدرسيه ويظنون أن على الطلاب حتى وفي العطلة , أن يأخذوا المدرسة وواجباتها معهم !
هناك حياة للطالب غير الدروس وهناك حاجه ملحه للخروج من الروتين ولا بد للمعلمين ولإدارات المدارس من إدراك هذه الحقائق والكف عن إغراق الطلاب بالوظائف سواءً كانت في الوقت المعدّ للعطل المدرسيه !
مرة أخرى المعلم الجيد هو ليس من يثقل كاهل طلابه بالوظائف البيتيه , بل هو المعلم الذي يجيد انتقاء الوظائف النوعية التي تثري الطالب ولا ترهقه وتثقل كاهله .
وقت الفراغ عند الطالب هو أيضاً وقت مهم والعطل المدرسيه تعني التعطل عن المدرسة بما فيها الوظائف المدرسيه .
تفننوا أيها السادة والسيدات المعلمين والمعلمات بترغيب الطلاب بالمدرسه وبالتعليم ومن هنا ستكون نقطة الإنطلاق نحو وضع تعليمي أفضل يجلب الهدوء للطلاب الذين كثيراً ما يلجأون إلى طرق غير مستحبه للتعبير عن غضبهم وإحباطهم من الجو الذي تفرضه عليهم المدرسه وجهاز التعليم .
الترغيب ثم الترغيب لا الإثقال والترهيب.
[email protected]