في طريق هذه الحياة المرعبة، أمشي حذرًا، ومعي سلاح ذو حدين؛ إيماني وعزيمتي محاولا الغوص مجدّدا عميقًا في لغة الصّمت، إيمانا بأن الصّمت مظهر من مظاهر الرقي الفكريّ والثقافيّ، دليل على النقاء والصّفاء النفسي، ولغة فريدة من نوعها يصعب فهمها، وهي المعبر الوحيد عمّا يجول في الأعماق. فاصمت تكريما لها وللعظماء.
كانت ليلة طويلة غير مقمرة، وكنت في دجى عزلتي وغربتي عن عالمي، أطوف في شوارع داخلي الممزقة، أعجز عن التعبير وأدع الحبر يتكلّم وبداخلي براكين تتأجج مزيجا من العتب، الهموم واللوعة والقلق.
نعم، أوجعتني كثيرا الطّعنات المتكررة ممن وثقت بهم وفيهم، واكتشفت أن الوحدة أجمل، والصّمت أرقى والكتمان يحفظ الكبرياء، حتى لو قتلني، وأنا لست كمن يدير وجهه كي لا يراك، أنا أضع عيني بعينيك ولا أراك ولا أنشغل وأتبع سياسة الانتقام فهي حافز غبي جدًا.
نحن، أحيانا، نؤسس اللعبة، وأحيانا نجد أنفسنا في لعبة أسّسها أحد آخر، وهذا الأصعب بحيث يصبح كل شيء غريبًا لدرجة أننا نضيع داخل القواعد التي لا نعرفها.
فقمّة الوقاحة أن تنسى وتتناسى فعلك، وتحاسب على ردة الفعل، فأروع إنسان هو من لا يتغير عليك مهما كانت ظروف الدهر وتقلباته.
أنا على يقين، أيها القارئ، أنك تقرأ فقط العناوين كعادتك، لطفًا! حاول ولو مرّة واحدة أن تكون واقعيًا. اقرأ بتعمق وتركيز ما بين السّطور وحاول أن لا تقاطع صمتي، ربما تشعر بروعة وقيمة العبارات التي أسطرها عندما لا أقول شيئا، بل وأقول كل شيء.
أمّا أنتِ، أيها المرأة الحاقدة المزيفة، غريبة الملامح، لطفًا! حاولي أن تصمتي برهة رغم صعوبة هذا الموقف، لأنك لا تجيدين فن ومهنة الصّمت، فاصمتي عندما ترغب نفسك في الثّرثرة وتكلّمي عندما ترغب نفسك في الصّمت.
[email protected]