أكد شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب، أن الجماعات الإرهابية صنيعة سياسية لتشويه الإسلام عمدا، مشيرا لوفد إعلامي فرنسي أنه لا صلة للإسلام بما يحدث باسمه - زورا وبهتانا - من قتل وتدمير.
وناقش الإمام الطيب مع وفد الإعلاميين الفرنسيين، استراتيجية الأزهر لمواجهة التطرف الفكري، حيث أكد الوفد أن صوت الأزهر مهم لبيان صحيح الدين الإسلامي ومواجهة التطرف.
العلوم الوسطية المستنيرة
ورحّب شيخ الأزهر الطيب، اليوم السبت في مشيخة الأزهر الشريف، بعدد من الإعلاميين والمفكرين الفرنسيين، لافتا إلى أن الأزهر هو تلك المؤسسة التي تجاوزت الـ 1000 عام في نشر العلوم الوسطية المستنيرة، وأراد الله أن يبقيه منارة وقبلة للعلماء وطلاب العلم من كل مكان"، وأكد أن منهج الأزهر طوال تاريخه "يسعى إلى نشر السلام داخليا وخارجيا، وترسيخ قيم الأخوة والتعايش والتضامن بين الجميع".
وأضاف أن الإسلام لا صلة له بما يحدث باسمه - زورا وبهتانا - من قتل وتدمير وإرهاب، وأننا أعلنا مرارا وتكرارا رفض وبراءة الإسلام من هذه الأفعال الإجرامية، وفندنا خرافات من يدعون أن الإسلام يدعو إلى قتل غير المسلمين المختلفين في الدين والعقيدة، مؤكدا أن الله -جل وعلا- جعل الاختلاف سنّة كونية، ولو أراد الله لجعل الناس كلهم متشابهين، ورسخ لمبدأ "لا إكراه في الدين"، وحدّد العلاقة بين الناس بعلاقة التعارف والتعاون.
الجماعات المتطرفة صنيعة سياسية
كما شدّد شيخ الأزهر على أن الإسلام لم يفرض على أحد اعتناقه أو الدخول فيه بالقوة، وإنما حثّ المسلمين على التعايش الإيجابي والتعارف، والتعامل بالحكمة والموعظة الحسنة، والتعاون للنهوض بالمجتمعات، مشددا على أن الجماعات المتطرفة التي يحاول البعض نسبها زورا للإسلام هي صنيعة سياسية تُستخدم لتشويه الدين بشكل متعمد، من خلال استباحتها القتال والسعي في الأرض إفسادا وفسادا، ويوفرون لهم الدعم لتلقي التدريبات والتمويل وتوفير الأسلحة والتنقل من مكان لآخر في سهولة، رغم تلك الحواجز الأمنية العتيدة التي تحفظ حدود الدول وتستخدم فيها أحدث الوسائل والتكنولوجيا.
هذا واستعجب الإمام الطيب من أن المسلمين هم الأكثر استهدافا من قبل هذه الجماعات الإرهابية المتطرفة التي تمارس معظم جرائمها في محيط بلادنا الإسلامية، مؤكدا أن المشكلة الرئيسة هي الفوضى التي يعيشها العالم اليوم، وأن من يقودون العالم اليوم شرقا وغربا يحتاجون إلى عقول جديدة وقلوب أخرى.
خطورة تطبيع الأمراض المجتمعية
وتطرق أيضا إلى أن الأزهر لديه برنامج لتدريب الأئمة من حول العالم في أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ، والتي تستضيف فيه الأئمة لمدة شهرين، وتحاورهم وتناقشهم من خلال نخبة من أساتذة وعلماء الأزهر، لصقل مهاراتهم وتزويدهم بما يحتاجون إليه من مهارات لتفنيد أدلة الجماعات المتطرفة، ورفع قدراتهم للتعامل مع مشكلات الواقع المعاصرة، لافتا إلى أن كل برنامج يعد خصيصا ليناسب أئمة كل بلد، مع الوضع في الحسبان التحديات التي تواجه كل مجتمع من المجتمعات.
وفي سياق آخر، أعرب شيخ الأزهر عن خطورة تطبيع الأمراض المجتمعية التي لا تتفق وطبيعة المجتمعات الإسلامية والشرقية كالشذوذ الجنسي، وفرضها بالقوة تحت راية حرية الرأي والتعبير، وذلك من خلال أجندة إعلامية غربية موجهة لعالمنا العربي والإسلامي.
وقال: "هذا هو الشكل الجديد للاستعمار وهو الاستعمار الفكري، الذي يستهدف الشباب والنشء ويعمل على إفقادهم لهويتهم وتمسكهم بمنظومة القيم والأخلاق."
الوفد الفرنسي: صوت الأزهر مهم عالميا
بدوره، أعرب وفد الإعلاميين الفرنسيين عن اعتزازهم بلقاء شيخ الأزهر، وتقديرهم لفضيلته على إتاحة الوقت للقائهم ومناقشتهم حول كافة الموضوعات المعاصرة، مؤكدين أن صوت الأزهر هو صوت مهم عالميا للإجابة عن كل ما يُثار حول الدين الإسلامي من تساؤلات، ومواجهة التطرف، وبيان صحيح الدين الإسلامي وموقفه تجاه مختلف القضايا، مؤكدين أن الأزهر يحظى بتقدير كبير خاصة في أوروبا، وأنهم يقدرون الدور الذي يقوم به الإمام الأكبر لنشر قيم الأخوة والتسامح والتعايش.
[email protected]