(Pompe): أو داء اختزان الجليكوجين، هو مرض وراثي نادر جسمي متنحي أيضي، والذي يسبب تلفًا في خلايا الأعصاب والعضلات، وهو ناتج من طفرة وراثية في الجين ((GAA ما يؤدي إلى تراكم الجليكوجين، الأمر الذي يسبّب ضعف العضلة ويؤثر على أغشية الجسم خاصةً في القلب، الهيكل العضلي، الكبد والجهاز العصبي.
توفي اثنان من أبناء الزوجين: الأم سوبيا (الباكستان) والأب زاهد (كندا)، عقب إصابتهما بمرض نادر يسمّى: داء اختزان الجليكوجين، أو المعروف بمرض "بومبي" (Pompe). بعد حمل الأم للمرة الثالثة قام الباحثون بحقن إنزيم داخل رحم الأم في شهرها الثالث، الأمر الذي منح الطفلة فرصة أخرى للحياة. وتقول الدكتورة جاليت طال، مديرة عيادة الأمراض الأيضية (أمراض التمثيل الغذائي/ الاستقلاب) عند الأطفال في مستشفى رمبام: "هذا البحث غير المسبوق يثبت احتمال وجود علاج في مراحل المرض المبكرة".
وقد تم تشخيص الزوجين كحاملين للخلل الجيني الذي أدّى إلى نقل مرض "بومبي" إلى أطفالهما. ويسبّب هذا المرض خطرًا على الحياة، خاصةً إذا ظهر في مراحل الطفولة المبكرة. الأطفال الذين يولدون مع هذا المرض الخطير يعانون من نقص في الإنزيم الذي يفكّك الجليكوجين في خلايا الجسم، ما قد يؤدّي إلى إصابة الطفل بضمور العضلات وإصابة شديدة بالقلب.
وبحسب ما ورد في صحيفة "THE NEW YORK TIMES" في عددها الصادر بتاريخ 22/11/14 والتي نشرت تقريرًا شاملًا عن تجربة الزوجين مع مواجهة أطفالهما للمرض، شاهد الزوجان زاهد بشير وسوبيا قريشي، كيف أن المرض يضعف تدريجيًا عضلات طفليهما ويسلبهما قدرتهما على الحركة حتى أنهما لم يتمكّنا من البلع، وكانا غير قادرين على التنفس، وحتى أن المرض أدى إلى تدهور حالة عضلة القلب لدرجة أن قلبيهما كانا غير قادرين على ضخّ الدم، حتى فارقا الحياة.
د. جاليت طال، مديرة عيادة الأمراض الأيضية في مستشفى "روت" للأولاد في المركز الطبي رمبام أوضحت: "مرض "بومبي" هو مرض وراثي ينتقل إلى الأطفال بنسبة 25% عندما يكون الوالدان حاملين لذات الخلل الجيني. يظهر المرض بأقسى صوره عند الأطفال خاصةً، فهو يؤدّي إلى تراكم الجليكوجين في عضلة القلب، وبسبب نقص العلاج في مجموعة الجيل هذه، فإن متوسّط العمر للأطفال الذين يصابون بالمرض يقدّر بسنة واحدة فقط".
بعد أن حملت سوبيا للمرة الثالثة، انضمّ الزوجان إلى بحث طبّي، تم خلاله حقن إنزيم بديل في رحم الأم يسمّى "Myozyme" بهدف "تصليح" الخلل الجيني لدى الجنين. وقالت د. طال عن العلاج بالإنزيم البديل: "في العقدين الأخيرين التوجّه الطبي لعلاج المرض هو عن طريق انزيم يسمّى "Myozyme". هذا العلاج غيّر تاريخ المرض بشكل واضح، ويساعد الأطفال بعد ولادتهم في التطوّر من حيث قدرة عمل عضلاتهم. هذا البحث الذي نُشرت نتائجه قام، لأول مرّة، بفحص استخدام العلاج داخل الرحم وفي فترة الحمل، وليس فقط ما بعد الولادة. نحن أمام بحث غير مسبوق وهو بمثابة برهان على وجود إمكانية علاج في مرحلة مبكرة من المرض، الأمر الذي لم يحصل في السابق".
وقد تم النشر عن هذه الحالة الفريدة من نوعها في صحيفة "The New England Journal of Medicine" وعن طريقة علاج المرض من خلال حقن إنزيم بديل في فترة حمل الأم، الأمر الذي كان له تأثير على الخلل الجيني وعلى مستقبل الطفلة.
وبعد هذا البحث الطبي، ولدت الطفلة أيالا بشير، ابنة سوبيا وزاهد، بصحّة وعافية تامّة، وجرت متابعة حالتها لمدّة 16 شهرًا، وتبيّن أنها بحالة جسدية جيّدة وشبيهة بالأطفال في عمرها. وعن فاعليّة العلاج، قال الأطباء الذين قاموا بالبحث الطبي التجريبي: "نجاح هذا العلاج يمهّد لنا الطريق لعلاج أمراض جينية أخرى عند الأجنّة عن طريق إدخال إنزيم إلى الوريد السرّي للطفل في فترة حمل الأم".
وكجزء من العلاج تمّت متابعة المؤشرات الطبية للطفلة حتى جيل سنة وأربعة أشهر، إلا أن د. طال تؤكّد أنه يجب الاستمرار بالمتابعة لفترة طويلة حتى الوصول إلى استنتاجات قاطعة، وتقول: "مرض "بومبي" علّمنا أنه كما في الحالات والمجالات الطبية الأخرى يجب أن نأخذ المدى البعيد بعين الإعتبار. في هذه الحالة، في الأشهر الأولى بعد الولادة لم تسجّل أيّة إصابة في القلب، وخلال أشهر المتابعة كانت حالة الطفلة الجسدية ممتازة. وهنا يُطرح السؤال: كيف سيكون وضعها الجسدي على المدى البعيد وبعد مرور عدّة سنوات؟ بالفعل يدور الحديث عن تجربة طبيّة مفرحة، إلا أننا يجب أن نتذكّر دائمًا أننا ما زلنا لا نعلم ماذا سيحدث بعد 20 عامًا من اليوم".
العلاج بإنزيم "Myozyme" لمرضى "بومبي" متوفّر اليوم في البلاد في إطار سلّة الخدمات الصحيّة. إن نتائج هذا البحث بإمكانها أن تؤدّي للموافقة في المستقبل على استخدام هذا العلاج أيضًا للأجنّة الذين تمّ تشخيصهم مع خلل جيني خلال فترة الحمل.
[email protected]