على الرغم من أن الرّبو هو مرض شائع جدّا، إلا أنه من المفاجئ أن نجد عددًا كبيرًا من الأطفال غير مشخّصين، والكثير من المرضى الآخرين مشخّصون ولكنهم يتلقون علاجًا غير صحيح، وآخرون يجدون صعوبة في الالتزام بالعلاج الموصوف لهم. الدكتور موشيه أشكنازي، طبيب مختص في أمراض الرئة لدى الأطفال ونائب مدير مستشفى "سفرا" للأطفال، يوضّح الحالات التي يوصى فيها باللجوء إلى طبيب مختص وكيف يمكن اليوم علاج حتى أصعب الحالات.
حوالي 40% من جميع الأطفال - أي اثنان من كل خمسة أطفال - سيعانون من نوبة ربو واحدة على الأقل حتى يبلغوا سن السادسة. نصفهم تقريبًا سيعانون أيضًا من نوبات متكرّرة. يقول الدكتور موشيه أشكنازي، طبيب مختص في أمراض الرئة لدى الأطفال ونائب مدير مستشفى "سفرا" للأطفال: "الربو، أو الالتهاب المزمن في الشعب الهوائية، هو مرض شائع للغاية، خاصة في مرحلة الطفولة، وتزداد نسبة انتشاره في العالم الغربي". ورغم هذه النسبة العالية، يضيف الدكتور أشكنازي، هناك نقص في تشخيص حالات الربو لدى الأطفال في إسرائيل، كما أن العديد من الأطفال الذين تم تشخيصهم لا يتلقون العلاج الأمثل الذي يمكّنهم من تجنّب النوبات.
"هناك الكثير من الأطفال الذين يسعلون باستمرار، يواجهون صعوبة في الجهود البدنية، وغير ذلك، ومع ذلك لا يخضعون للتشخيص"، يقول الدكتور أشكنازي. في الوقت الحالي، العلاج الأساسي للربو هو العلاج الوقائي باستخدام أجهزة الاستنشاق التي تحتوي على الستيرويدات. وعن ذلك يقول د. أشكنازي: "إنه علاج آمن للغاية. الأثر الجانبي الرئيسي له هو ظهور الفطريات في الفم، ويمكن تقليل احتمال تطورها بشكل كبير إذا شرب الأطفال الماء بعد استخدام جهاز الاستنشاق لغسل المادة من الفم. هناك أيضًا بعض الدراسات التي تشير إلى أن الاستخدام المنتظم لأجهزة الاستنشاق بجرعات عالية على مدى سنوات قد يؤدّي إلى انخفاض بحوالي سنتيمتر واحد في النمو. ولكن من المهم التأكيد على أمرين: الأول - قلّة الدراسات. الثاني - حتى في هذه الدراسات، نجد أن هذا التأخير في النمو يختفي بعد بضعة أشهر من التوقف عن استخدام أجهزة الاستنشاق". بجانب العلاج بأجهزة الاستنشاق، يشدد الدكتور أشكنازي على أهمية النشاط الرياضي في منع النوبات. "لا يجوز منع الأطفال المصابين بالربو من ممارسة الرياضة. يجب السماح لهم بممارسة التمارين مثل أي طفل آخر لما لها من فوائد كبيرة على المدى الطويل".
على الرغم من العلاج الفعّال والآمن، تظهر الدراسات العالمية أن حوالي 60% من الأطفال المصابين بالربو لا يتلقّون العلاج الأمثل الذي يمكّنهم من السيطرة على المرض ومنع النوبات. يقول الدكتور أشكنازي: "هناك سببان رئيسيان لذلك. الأول هو أن الأطفال يتلقون أجهزة استنشاق بجرعات غير صحيحة، والثاني هو عدم الالتزام الكافي بالعلاج". ويضيف: "صحيح أنه لا توجد بيانات دقيقة عن الوضع في إسرائيل، لكن يمكننا أن نفترض أنه لا يختلف كثيرًا عن باقي العالم".
ويرى الدكتور أشكنازي أن السبب وراء عدم دقّة العلاجات هو أن معظم الأطفال يتم تشخيصهم وعلاجهم فقط من قبل أطباء العائلة. "بالنسبة للكثير منهم، هذا يكفي. ولكن إذا لم يحقق العلاج الذي يوصي به طبيب العائلة حالة مستقرة للطفل، فمن الأفضل التوجه إلى طبيب مختص في أمراض الرئة لإجراء تشخيص معمّق وملاءمة العلاج بشكل مثالي لاحتياجات الطفل"، يقول. "على الأهل أن يكونوا متيقّظين؛ الطفل لا يجب أن يسعل لفترة طويلة".
يشرح الدكتور أشكنازي أنه لدى معظم الأطفال الذين يعانون من الربو في طفولتهم، يبدأ المرض في الاختفاء بين سن السادسة والسابعة. "من لا يختفي لديه المرض في هذه الأعمار يتم تصنيفه على أنه مصاب بالربو عند البالغين"، يضيف. ومع ذلك، فإن الربو عند البالغين هو مرض شائع للغاية أيضًا، حيث يعاني منه حوالي 10% من السكان. "هناك ثلاثة عوامل خطر رئيسية تؤثر على استمرار الربو من الطفولة إلى البلوغ: أ. الخلفية الوراثية - إذا كان الوالدان مصابين بالربو. ب. إذا كان الطفل يعاني من مرض مصاحب مثل التهاب الأنف المزمن أو التهاب الجلد التأتبي (ما يُعرف بربو الجلد). ج. التعرض للتدخين السلبي - إذا كان الوالدان أو أفراد الأسرة يدخّنون".
مع التقدم في العمر، يزداد توفّر أجهزة الاستنشاق المختلفة للمرضى. ومع ذلك، يوضح الدكتور أشكنازي أنه حتى مع العلاج الأمثل، لا يتمكن حوالي 10% من مرضى الربو من تحقيق استقرار طويل الأمد. "ربما النسبة أقل قليلاً لدى الأطفال". بعد استبعاد الأمراض الأخرى التي قد تؤدّي إلى استمرار النوبات على الرغم من استخدام أجهزة الاستنشاق، يتم تصنيف هؤلاء المرضى على أنهم يعانون من الربو الحاد، الذي يشمل نوبات خطيرة قد تهدّد الحياة، ويسبب أضرارًا طويلة الأمد. "لدى مرضى الربو الحاد غير المتحكم فيه، تبدو الرئتان في الأعمار المتقدمة وكأنها تعاني من أضرار مشابهة لتلك الموجودة لدى المدخّنين الشرهين. وهذا يعني خطرًا كبيرًا لتطور أمراض رئة خطيرة في العمر المتقدّم"، يقول.
خطر آخر مرتبط بالرّبو الحاد وغير المتحكّم فيه هو الاعتماد على العلاجات الستيرويدية الجهازية - تلك التي تؤثّر على الجسم بأكمله وتُعطى على شكل أقراص أو شراب (في حالة الأطفال الصغار). بخلاف أجهزة الاستنشاق، فإن لهذه العلاجات آثارًا جانبية كبيرة وغير مرغوب فيها، لذلك يسعى الأطباء للحد من استخدامها قدر الإمكان. "في الماضي، للسيطرة على حالات الربو الحادة، كان هناك مرضى تم إرسالهم لتلقي علاجات كيميائية تهدف إلى إضعاف الجهاز المناعي ومنع النوبات"، يقول الدكتور أشكنازي.
كل هذا تغيّر قبل حوالي 15 عامًا، مع إدخال الأدوية البيولوجية لعلاج الربو. يقول الدكتور أشكنازي: "الدواء البيولوجي يشبه الصاروخ الموجّه الذي يصيب نقطة محددة في المسار الالتهابي الذي يعمل بشكل مفرط ويتسبّب في نوبات الربو". "هذه أدوية فعّالة للغاية، مع نسب نجاح مرتفعة جدًا. اليوم، هناك حوالي ستة أدوية بيولوجية مختلفة متوفرة لمرضى الربو في إسرائيل، كل واحد منها يعمل على نقطة مختلفة في المسار الالتهابي، وتقدّم لنا، كأطباء متخصّصين في أمراض الرئة، ترسانة ممتازة لمحاربة الربو الحاد".
يتم ملاءمة الدواء لكل مريض من خلال سلسلة من الفحوصات المتخصصة التي تشمل تحديد طبيعة الربو من خلال اختبارات الدم، واختبارات الاستجابة التحسّسية، واختبارات وظائف الرئة التي تفحص انبعاث نوع معين من الغاز من الرئتين. يشرح الدكتور أشكنازي : "إذا لم يكن دواء بيولوجي معيّن فعالًا، يمكن إعطاء الطفل دواء آخر. لا أعرف حالات لأطفال تم علاجهم بالأدوية البيولوجية ولم نتمكن من تحقيق توازن لديهم". يتم إعطاء الأدوية البيولوجية عادةً عن طريق حقن تحت الجلد بشكل بسيط، مرّة كل أسبوعين أو مرّة كل شهرين، حسب الدواء. يقول الدكتور: "العديد من المرضى يقومون حتى بحقن أنفسهم". وأكد أيضًا: "يوجد عدد كبير من الأدوية البيولوجية الجديدة قيد التطوير حاليًا. أنا متفائل جدًا وواثق من أنه في غضون بضع سنوات، سيكون الربو مرضًا تحت السيطرة الكاملة".
[email protected]